الأحد، 16 نوفمبر 2014

سلفا ، مشار ... الخوف من تكرار سيناريو روندا


دعت الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (ايقاد) طرفي الصراع في دولة جنوب السودان للاتفاق على السلام، لأن صبر الأفارقة والعالم يتلاشى، وأن الوقت قد حان ليقدم الرئيس سلفاكير ميارديت وزعيم التمرد رياك مشار تنازلات لإنهاء الحرب.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين، في خطابه، في الجلسة الافتتاحية للقمة الطارئة للإيقاد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا حول الصراع في جنوب السودان إن المجتمع الدولي سيسعى لاتخاذ إجراءات ضد الفرقاء بجنوب السودان، إذ لم ينفذوا الاتفاق الذي توصلوا إليه في يناير الماضي حول وقف العدائيات.
من جانبها، أكدت مفوضة الاتحاد الأفريقي ديلاميني زوما أن من يدفع ثمن الصراع في جنوب السودان هم المواطنون والأبرياء الذين تفرقوا نازحين داخل بلادهم أو لاجئين في الدول الأفريقية المجاورة.وقالت إنه آن الأوان للطرفين المتنازعين في جنوب السودان أن يأخذا في اعتبارهما المواطنين الجنوبيين من المدنيين، وأن يطبقا اتفاق وقف العدائيات الذي وقعاه في يناير الماضي.

من جهته، قال المبعوث الأمريكي للسودان وجنوب السودان السفير دونالد بوث إن المجتمع الدولي يعتقد أن جنوب السودان لن يصل إلى سلام إذا كان كل طرف من الطرفين يريد أن يكون الرابح الوحيد في الحرب أو في السلم.وأكد أن السلام يحتاج إلى تقاسم وتنازل من الطرفين، وأنه يجب التعامل مع كثير من الموضوعات، منها وضع الأفراد الذين يحملون السلاح الآن والنظر في مستقبلهم حال التوصل إلى سلام في جنوب السودان.وقال بوث إن "السلام يحتاج أيضاً إلى المحاسبة حتى نتفادى اللجوء إلى الثأر مستقبلاً".
ومع مرور الوقت برزت ثمة مخاوف من تحول الصراع بين رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار إلى حرب أهلية بين قبيلتي الدينكا والنوير تعيد إلى الأذهان مأساة رواندا.
تعزز هذه المخاوف طبيعة التكوين القبلي لمواطني أحدث دولة في العالم لم تترسخ مؤسساتها الدستورية بعد انفصالها عن السودان.
فسلفاكير يستمد قوته من سطوة قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها ويقدر عدد أفرادها بثلاثة ملايين نسمة وتعتبر أكبر قبائل البلاد، بينما يستند مشار على دعم قبيلته النوير ثاني أكبر قبائل في جنوب السودان.ويخشى انضمام شريحة من أفراد قبيلة الشلك الى جانب النوير ضد الدينكا في حال تأكدت الأنباء التي ترددت عن اعتقال باقان أموم في حملة الاعتقالات التي تمت إثر الإعلان عن فشل المحاولة الانقلابية علما بأن أموم الذي ينحدر من هذه القبيلة - ثالث قبائل جنوب السودان- كان ضمن مجموعة قيادات عزلها الرئيس سلفاكير مع مشار في يوليو الماضي.وقد ظلت العلاقة بين كير ومشار مشوبة بالشكوك منذ قيادة الثاني ما عرف بـ"انقلاب" الناصر على قيادة الحركة الشعبية في أوائل التسعينات بالقرن الماضي. وبعد سنوات من معارك عنيفة بين مناصريه وقوات الحركة وقع في عام 1997 اتفاقية مع الحكومة السودانية عين بموجبها نائبا للرئيس عمر البشير. وساهمت قواته الى حد كبير في تأمين حقول النفط وصد هجمات "المتمردين" عليها. ورغم عودته الى صفوف الحركة الشعبية في عام 2002 وتقاسمه السلطة مع كير في الفترة الانتقالية "بين عامي 2005 و2011" بعد توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام التي نصت على استفتاء شعبي أفضى الى انفصال جنوب السودان، أعلن مؤخرا اعتزامه ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2015، وهو ما فجر الصراع بينهما ليظهر علنا بعد أن كان مستترا.

أما كير الذي انضم للحركة الشعبية بعد أن كان جنديا في الجيش السوداني، فقد ظل وفيا لمبادئ الحركة التي أصبح نائبا لقائد أركان قواتها عام 1986. وعين نائبا لقائد الحركة جون قرنق في عام 1997. إلا أن سياساته واتفاقه مع حكومة البشير على حلحلة المسائل الأمنية العالقة واستئناف نقل نفط بلاده عبر أراضي السودان الى ميناء التصدير المطل على البحر الأحمر أغضبت مشار وباقان وربيكا قرنق "أرملة جون قرنق" ودينق الور الذين اتهموه في مؤتمر صحفي بقيادة البلاد نحو الهاوية. وسواء كانت هناك محاولة انقلابية حقيقية أو أن الأمر يتعلق بضربة استباقية وجهها سلفاكير لمناوئيه، فإن دولة جنوب السودان مقبلة على تطورات مثيرة وخطيرة ما لم يتم تدارك الوضع قبل استفحاله ويؤدي إلى تدخل دول مجاورة لتدعم هذا الطرف أو ذاك، خاصة أن مشار لا يزال متواريا عن الأنظار. ومناصروه من أفراد قبيلة النوير المعروفون بشراستهم في القتال لن يحنوا على الأرجح رؤوسهم للعاصفة حتى تمر بسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق