الاثنين، 10 نوفمبر 2014

حادثة القصر!

أرجو ألا نعتبرها حادثة عابرة، أو طارئة، هناك موتى وقتلى، هناك اعتداء على رمزية رفيعة ممثلة فى جنود حراسة إحدى بوابات القصر الجمهوري يوم أمس الأول السبت. وهو يوم تتقلص فيه أعداد السيارات والمشاة فى شوارع الخرطوم لأنه يوم عطلة،  قد تخير المعتدي، عقلاً كان أم يعاني من اضطرابات نفسية، تخير المكان والتوقيت ولا يعرف إلا الله سبحانه وتعالى دوافعه لارتكاب هذه المذبحة.
رمزية القصر، تجعله هدفاً دائمً للإعتداءات تارة بإسم حماية ذلك الرمز، و تارات باسم هز صورة الدولة والانتقاص من هيبتها، إما بغرض الاستيلاء الفوري على السلطة أو التمهيد لآخرين فى المستقبل للاستيلاء عليها، لذلك هاجم الأنصار قصر الحاكم العام وقتلوا (غردون باشا) وبموته تم إعلان قيام الدولة المهدية وأفول نجم حكم التركية (السابقة) فى السودان.
ذات القصر الذي تحول الى القصر الجمهوري بعد الاستقلال شهد أحداثاً عديدة، وقد تعرض للقصف إبإن الصراع على السلطة بين الرئيس الراحل نميري والمجموعة الشيوعية التي انقلبت عليه فى أحداث 1971 وكان التحرك الأول والحاسم من داخل القصر الرئاسي نفسه، داخل قيادة الحرس الجمهوري، وتم سجن الرئيس نميري داخل إحدى غرف القصر لعدة أيام قبل أن يجد له سبيلا للهرب عبر القفز من على أسوار القصر.
القصر هو رمز الحكم ودلالته و هيبته، ولا زالت ذاكرة الأجيال الحالية تحتفظ عبارات الشيخ حسن الترابي الذي قال بعد مفاصلة الاسلاميين الشهيرة إنه قال للرئيس البشير( إذهب إلى القصر رئيساً وسأذهب إلى السجن حبيساً) .
اعتداء الأمس لم يكن الأول، لكنه لن يكون الأخير فكثير من الناس الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو هزات مؤقتة، حيث أن معايير الفهم وأساليب الإدراك ليست مساوية لدى الناس، فبعض أولئك قد يلجأ الى التعبير الحاد عن موقف ما، احتجاجي أو انفعالي.
و الخطورة تكمن فى ان علماء النفس والاجتماع يؤكدون على أن أكثر من ثلث سكان العالم (تعرضوا) للإصابة بواحدة من الفئات الرئيسية من الأمراض النفسية، حتى وان لم تظهر أعراض ذلك عليهم. أسباب الغضب والانفعال و العدوانية، قد لا تكون نفسية فقط، لأن الحالة النفسية ذاتها نتيجة لحالات أخرى وضغوط اجتماعية قد تكون من بينها الفقر، أو الإحساس بالظلم أو الشعور بالاضطهاد. حادثة أمس الأول تستوجب ان تعيد الجهات المعنية النظر فى أمر دوائر الحماية للقصر الرئاسي و أن تسعى لأن يكون المبنى و البوابات بعيداً عن خطوات الراجلين. فالأجهزة المختصة قد تقرأ الحالة أو الموقف، لكنها قطعاً لن تقرأ النوايا.. لذلك علينا أن نفترض الأسوأ، خاصة و أن حادثة الاعتداء على حراسة القصر يوم أمس لم تكن الأولى فقد سبقتها حادثة قبل أشهر قليلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق