الخميس، 25 يونيو 2015

سيف العقوبات

* الحكومة وحدها تفاجأت بتجديد الولايات المتحدة الأمريكية عقوباتها المفروضة على السودان بالإبقاء على اسم بلادنا المسكينة وتعني استمرار معاناة السودانيين في الحصول على التكنولوجيا الحديثة وأن يظل حامل الجواز السوداني مشبوهاً يدقق موظفو المطارات في المعلومات التي في جواز السفر..
يطلب من السوداني في بعض الأحيان الانتظار ساعات بينما بقية المسافرين يذهبون لحالهم .. السوداني في عيون الغرب شيء ينتمي لعالم آخر .. في إحدى زياراتنا لأوروبا جلسنا والصديق عبد الرحمن الأمين ومصطفي أبو العزائم وأحمد دقش في مقهى بمدينة فولتير الفرنسية نحتسي الشاي وعصير العنب.
ورجل سبعيني يعزف على البيانو بمهارة وتنبعث من المكان موسيقي حالمة وأضواء خافتة والمطر يهطل بغزارة .. ونظر لألوان بشرتنا السمراء وسأل هل من السنغال أو مالي؟؟
قال عبد الرحمن الأمين من السودان.
فتغيرت ملامح وجه الرجل بسرعة وسألنا لماذا تقتلون شعب دارفور بتلك البشاعة؟!
حاولنا أن نشرح للرجل أسباب الصراع ودواعيه ومساعي الحكومة لعلاج أزمة الحرب لكنه كان غير مستعد للإصغاء لنا.
وقد رسخت في ذهنه معلومات من الإعلام عن السودان يصعب عليه مراجعتها .. تلك من أثار العقوبات الأمريكية التي طالت السودان لا بسبب عقيدته الإسلامية كما يعتقد كثيرون وإلا كانت المملكة العربية السعودية والكويت ومصر وتونس وتركيا في طليعة المعاقبين بالعقوبات الأمريكية .. باعتبار تلك البلدان أكثر إسلامية من السودان وغالبها أرض رسالات ومهبط وحي.
وبلادنا حتى بعد فصل الجنوب هناك نحو (17%) من السكان إما مسيحيون أو من أصحاب المعتقدات المحلية كما هو الحال في جبال النوبة والنيل الأزرق.
وتجديد الولايات المتحدة لعقوباتها على السودان إجراء روتيني إلا إذا تغيرت سياسات الولايات المتحدة .. وتبدلت المواقف وأقبل السودان على معالجة جذور الأزمات التي تعصف بأي تقارب بينه والدول الغربية، والقضايا التي تقف حجر عثرة لنهوض حوار سوداني أمريكي يفضي لاتفاق على التعاون وعودة العلاقات إلي ما كانت عليه في السابق كطموح تسعي إليه الحكومة، ولكنها في ذات الوقت غير مستعدة لدفع استحقاقات تحسين العلاقات، والقضايا.
التي تقف حجر عثرة  كؤود في طريق التفاوض هي الحرب في دارفور والمنطقتين وثانياً أوضاع حقوق الإنسان وثالثاً الديمقراطي وأخيراً علاقات السودان ببعض الأطراف الإقليمية إيران نموذجاً .. وبشأن الأخيرة صحح القصر الرئاسي من خلال دبلوماسية مكتب الرئيس وعرابها الفريق طه عثمان خطايا الماضي .. وتباعدت المسافة بين الخرطوم وظهرت وتقاربت الخرطوم مع الرياض وأبو ظبي والقاهرة والكويت، ولكن أي تقارب مع دول الخليج وتباعد في ذات الوقت مع الولايات المتحدة لا تتعدي ثمراته المطالبات الشفاهية والوعود التي تنتظر انفراجات مع الولايات المتحدة.. بعض الحالمين الواهمين من ساستنا يظنون وبعض الظن سذاجة وغفلة أن دول الخليج يمكنها تطبيع علاقاتها مع السودان على حساب علاقاتها مع واشنطن، وتلك من الأمنيات التي لا يسندها في الواقع حيثيات لكن تطبيع العلاقة بين الخرطوم وواشنطن من شأنه فتح أبواب مغلقة من تلقاء نفسها لأن العلاقة هنا علاقة تابع ومتبوع!
خسائر السودان فادحة جداً من تبعات وصمه بالدول الراعية للإرهاب من قبل الولايات المتحدة ومن بعدها ياي دور الاتحاد الأوروبي ودول الشرق من الصين وروسيا وماليزيا لم تفلح بعد في جعل ميزانها الاقتصادي يتواءم مع دورها السياسي.
ورغم ما يتبدي من مظاهر تناقض وتباعد لكن الارتباطات الاقتصادية بين دولة مثل الصين والولايات المتحدة غالباً جداً.
ولا غني للصين عن الولايات المتحدة وهل يعتمد الرئيس البشير في سنوات حكمه الجديدة على سياسات جديدة تحدث اختراقاً في جدار الصمت العازل بينه والغرب، وذلك من خلال معالجات الأسباب والتوترات الداخلية والخارجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق