الأحد، 28 يونيو 2015

بشأن اليوناميد .. واشنطن تكذب ولا تتجمل!

من الناحية الموضوعية المنطقية المجردة فإن الولايات المتحدة لا تملك ادنى اسباب معقولة لعدم وضع استراتيجية خروج قوات اليوناميد العاملة في مهمة حفظ السلام في دارفور منذ حوالي 9 سنوات.
صحيح ان واشنطن وباعتبارها أحد ابرز القوى الدولية التى عملت بدأب وبمثابرة على إرسال هذه القوات الى اقليم دارفور تحت زعم حماية المدنيين ربما لم تحقق (الاهداف الحقيقية الخفية) التى من أجلها ثابرت على ابتعاث هذه القوات وهي بالطبع أدرى بأهدافها هذه!
وصحيح أيضاً ان واشنطن التى كم آلمها منذ أيام ان الرئيس السوداني المشير ا لبشير وفي معيته القادة الافارقة وفي محفل افريقي شديد الاهمية اطاحوا بهيبة محكمة الجنايات الدولية ونجحوا في إفراغها تماماً من أي مضمون قضائي أو سياسي ما أصابها -كما عبرت عن ذلك في حينها- بخيبة أمل بالغة، لم يبد لها الامر مستساغاً ان تسمح للسودان في توقيت متزامن بتحقيق نصر على نطاق دولي مؤثر ينهي تفويض البعثة المشتركة في اقليمه الغربي في دارفور.
صحيح هنا أن واشنطن تشعر بمرارة الظروف والمعطيات التي أعطت السودان كل هذا البريق الدولي الوامض. ولكن نحن هنا لسنا بصدد قراءة (الظروف النفسية) للدولة العظمى التى بدت واضحة فى سياق التعبيرات المضطربة وغير الدبلوماسية التى جرت على لسان المندوبة الامريكية في مجلس الأمن؛ وإنما نحن بصدد مقايسة مطلب السودان المشروع النابع أصلاً -للمفارقة- من ذات مشروع قرار إرسال البعثة، حيث يتيح القرار من بين بنوده للدولة المضيفة بمناقشة استراتيجية خروج البعثة المشتركة متى ما رأت الدولة المضيفة ذلك مناسباً.
السودان فى الواقع لم يفعل اكثر من ان طلب تفعيل حقوقه المنصوص عليها في صلب القرار. أما بالنسبة لإقليم دارفور نفسه ومهما كانت درجة تحامل البعض على السودان فإن أحداً ليس بوسعه -ولو على سبيل المكابرة- ان يزعم ان الاوضاع في اقليم دارفور ما تزال مضطربة! لقد تحسنت الاوضاع في اقليم دارفور تحسناً كبيراً للغاية منذ اكثر من اربعة أعوام عبر تقارير مضطردة ترقد الآن في اضابير مكتب الامين العم ممهورة بقادة البعثة المشتركة الذين توالوا على قيادتها منذ سنوات.
تحسن الاوضاع في الاقليم وبدون ادنى شك هو أحد أهم وابرز عناصر مناقشة استراتيجية الخروج. السودان لم يزد عن إبراز هذه الحقيقة المجردة.
الامر الثاني ان الاحداث المتلاحقة فى الاقليم ظلت تثبت ان البعثة المشتركة هي نفسها ظلت وما تزال في حاجة للحماية من قبل الحكومة السودانية. سجلت مضابط الحكومة السودانية عشرات الحالات التى اثبتت هذه الحقيقة المؤسفة.
البعثة على ضخامة عددها (حوالي 16 ألف عنصر) ورغم كل اسلحتها وآلياتها وأجهزة الاتصال الحديثة والصرف المهول الذي يصرف على عناصرها، تحتاج لحماية القوات السودانية. بل وسبق لها أن فقدت عربات وأسلحة وذخائر سواء صح زعمها ام كان مجرد تغطية على سلوك مخالف لمقتضى التفويض.
الامر الثالث ان السودان من المستحيل تماماً حتى ولو كان اقليمه في دارفور مضطرباً ان يلزم الصمت وينتظر المجهول، إذ ان من الطبيعي ان يسعى لتخفيف الضغط غير المبرر على سيادته الوطنية من جهة وأن يسهم -من منطلق واجباته الدولية- على تجنيب المجتمع الدولي مغبة صرف الاموال الضخمة فيما لا طائل من ورائه فإذا كان الآن الحديث الدائر سراً وجهراً ان قوات البعثة المشتركة يفوق صرفها الـ10 مليار دولار، فإن من سوء التقدير ان يظل هناك اصرار على ألا تناقش استراتيجية خروج لقوات تأكل الاموال الدولية كما تأكل النار الحطب.
فيما يبدو أن المندوبة الامريكية (سامانتا باور) استخدمت اسلوب الصراخ كتكتيك في مواجهة استراتيجية قانونية هادئة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق