الأحد، 28 يونيو 2015

الترحيب ببقاء يوناميد .. الخرطوم (تتغندر)!!

لم يكن قرار التمديد لبعثة اليوناميد في السودان بالأمر المفاجئ فـ(بقاء) القوات الأممية من أول يوليو المقبل، ما هو إلا إجراء روتيني أفضت إليه الإجتماعات المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي مع الحكومة السودانية، منذ مارس الماضي للتوصل الى إستراتيجية خروج للبعثة، وليس هنالك خيار أمام الخرطوم سوى الموافقة على التمديد، لكن اللافت للانتباه هو الترحيب الكبير الذي قابلت به الحكومة السودانية قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي مدد ولاية البعثة لعام آخر بعد رفضها لبقاء البعثة طوال الفترة الماضية، ليس هذا فحسب وإنما قالت الخارجية السودانية في بيان لها أمس الأول أن قرار المجلس داعم لوثيقة الدوحة لسلام دارفور كإطار ناجح لسلام دائم ومصالحة في الإقليم ولإستراتيجية خروج يوناميد من دارفور، بعكس المرة الماضية التي استقبلت فيها الخرطوم قرار التمديد بتحفظ كبير وترحيب فاتر، الأمر الذي قاد العلاقة حينها إلى حالة من الشد والجذب ما بين الحكومة السودانية والبعثة الأممية.
ترحيب الخرطوم:
الكثيرون أرجعوا مرونة الخرطوم في التعامل مع القرار الصادر من مجلس السلم والأمن الأفريقي القاضي بتمديد ولاية البعثة الأممية في دارفور لعام آخر، بعد اعتراضها على بقائها طوال الفترة الماضية، إلى شخصية البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني، فمنذ دخول الرجل إلى وزارة الخارجية ظل التفاؤل سيد الموقف، بسبب الميزات الشخصية للبروفيسور غندور وأبرزها المرونة والانفتاح على الآخر، وبعض المحللين السياسيين ذهبوا نحو أن اختيار غندور نفسه يعبر عن التوجه الذي ترتب الدولة لانتهاجه في المرحلة المقبلة، وثمة تصريح له عن إعادة ملفات مهمة تديرها الدولة عبر مجالس السياسة ودوائر العمل العام إلى الخارجية باعتبارها ملفات دبلوماسية ينبغي أن يتم التعامل معها وفقاً لمعايير السياسة الخارجية ودون تدخل أية جهة توظفها في التكتيك السياسي، الأمر الذي يؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولاً كبيراً في نهج الدبلوماسية السودانية وأول ثمار هذا التحول كانت في ردة فعلها تجاه التمديد لبعثة الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي بدارفور.
سبب التواجد:
دخلت اليوناميد إلى السودان بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1769 الصادر في 31 يوليو من العام 2007م، بعد ممانعة كبيرة من الخرطوم ولرفضها دخول قوات دولية إلى دارفور تحت البند السابع، تم التوصل لصيغة بوساطة إفريقية بحيث يتم السماح لقوات من الاتحاد الإفريقي بقبعات زرقاء على أن تكون مهمتها حفظ الأمن والسلم دون أن تكون من صلاحياتها أي عمليات هجومية كما يقتضي الأمر وفقاً للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لكن بعد الأحداث الأخيرة كانت تظن الحكومة السودانية أنها كسبت معركتها ضد القبعات الزرقاء وأن خروجها من الأراضي السودانية قادم لا محالة، بعد أن قدم القائم بأعمال سفارة السودان بالإنابة لدي الأمم المتحدة بنيويورك السفير حسن حامد حسن، بياناً أمام المجلس الشهر الماضي خلال مداولاته حول تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الدوري بشأن دارفور، قال فيه، إن بلاده استقبلت خلال الفترة الماضية فريقا من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، حيث جرت مشاورات مكثفة حول كيفية رسم وتنفيذ إستراتيجية الخروج بطريقة ممرحلة، وأوضح أن الخروج سيبدأ بالتخفيض الفوري للقوات الأممية في المناطق الأكثر استقرارا وتستمر لتشمل سائر ولايات دارفور، لكن هذه الجهود وغيرها لم تتوصل إلى شيء في آخر المطاف وكان التجديد ببقاء البعثة.
الموقف الحقيقي:
برغم التمديد للبعثة لعام آخر، إلا أن ثمة تحليلات تذهب إلى أن الموقف الحقيقي للحكومة في الخرطوم أنها ترى في يوناميد ضيفاً ثقيلاً وغير مرغوب فيه، حيث يري الكثيرون أن القوات الأممية ينطبق عليها القول الماثور "فاقد الشيء لا يعطيه" رغم أن الاتفاقية التي وقعت حددت وضعية البعثة، وهي أن التفويض الممنوح لها وبحسب ميثاق الأمم المتحدة تفويض دفاعي فقط ولأتملك أي تفويض هجومي، إلا أن هذه القوات في واقع الأمر ظلت تحت حماية القوات المسلحة السودانية، وما كان ذلك إلا سبب ضعف تجهيزاتها التي تمكنها من حماية نفسها من هجمات المتمردين في المقام الأول ثم حماية العزل من بعد ذلك، كثيراً ما أعادت القوات المسلحة ممتلكات واليات تابعة لها كان قد أستولي عليها متمردون، والبعض يعتقد أن الأمم المتحدة مسئولة عن ما يجري لقوات اليوناميد لأنها ومنذ البداية تباطأت في التمويل مما تسبب في تعطيل وشل حركة القوات الأممية المعروفة اختصاراً بـ(اليوناميد)، والأمر الذي جعلها تعيش حالة ضياع سبق وأن عبرت عن قلقها إزاء انتشار عمليات نهب وسرقة سيارات موظفي بعثتها في دارفور.
إتهامات صريحة:
كثيراً ما اتهمت أطراف في اليوناميد تساعد وتدعم الحركات المتمردة وبذلك تحول تلك الأطراف مهمة البعثة من حفظ السلام إلى النقيض تماماً، إتهامات سودانية صريحة وجهت من قبل للقوات الأممية بنقل جرحي القوات المتمردة بطائرات تابعة لها، فضلاً عن اتهامات بإيواء مسلحين عاشوا فساداً في معسكرات (كلمة) بجنوب دارفور وقتلوا مواطنين (جريمتهم) أنهم شاركوا في مفاوضات الدوحة ممثلين للنازحين في المعسكر؟!
البعثة الأممية بحسب مقالة سطرها يراع الدكتور ياسر محجوب الحسين نشرت بصحيفة الشرق القطرية، مسئولة عن المعسكرات لم تستطع حمايتهم ولو لم يكن من بد أن تتدخل حكومة جنوب دارفور بما يضمن أمن وسلامة المواطنين، والبعثة التي لم تتمكن من تقديم أي تفسير لما حدث، طلبت من حكومة الولاية مهلة إضافية حتى تسلم المتهمين للعدالة، بعد التمديد لبعثة اليوناميد بولاية أخرى تستمر حتى يوليو من العام القادم أصبحت هنالك قناعة تترسخ باستمرار في أذهان البعض وهي أن أي قوات دولية تأتي لتبقي أطول مدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق