الاثنين، 29 يونيو 2015

واشنطن وقائمة الإرهاب.. أحكام تعسفية بلا حيثيات!

كعادتها في كل عام تعيد واشنطن جدولة قائمتها من الدول التي تزعم أنها ترعى الارهاب. السودان ظل وباستمرار يتخذ مكانه في هذه القائمة. آخر تجديد لإسم السودان في قائمة واشنطن كان في الاسبوع الماضي حيث تلفتت واشنطن يمنة ويسرة كمن يحاول عبور الطريق ثم وضعت اسم السودان في ذات موضعه من القائمة!
هذا العام على وجه الخصوص يمكن اعتباره عام علامات الاستفهام والتعجب في كل ما يخص الشأن السوداني الأمريكي، عام من الممكن ان يشكل ملمحاً رئيسياً لمستقبل علاقة ظلت متأرجحة لعقود ولكنها أبداً لم تتحسن بالصورة المطلوبة، ففي مطلع هذا العام واجهت واشنطن تداعيات الاستحقاق الانتخابي في السودان. ولأن واشنطن دولة ذات اهتمام بالديمقراطية او هكذا تزعم، فإنها عملياً لم تستطع الوقوف فى وجه الانتخابات العامة السودانية.
حاولت ولكنها لم تنجح. زعمت انها تتطلع الى مناخ افضل فى السودان تتوافق فيه القوى المختلفة على برنامج موحد شامل. ولكن لم يتم ذلك أيضاً لأن أجل الاستحقاق الانتخابي شديد الحساسية، وأي تأجيل له معناه ودخول السودان في نفق مظلم جديد.
واشنطن لم تجد المنطق الموضوعي الذي يبرر رفض نتيجة الانتخابات العامة، فالعملية الانتخابية تمت في جو مواتي ولم تشهد اي خروقات تذكر. ثم لم يلبث السودان إلا قليلاً حين ثارت ثائرة أزمة المحكمة الجنائية والخيبة المدوية إبان قمة الاتحاد الافريقي (يونيو 2015) فى دولة جنوب افريقيا.
ربما بدا لواشنطن ان السودان يحكم سيطرته على مقاليد الامر بين أنداده فى القارة الافريقية وانه ينجح نجاحاً منقطع النظير فى محاربة المحكمة لدرجة ان الجميع كانوا قد حبسوا انفاسهم لدى وصول الرئيس البشير الى جوهانسبرج ولكن ما حدث بعد ذلك لم يتعدّ الجعجعة البعيدة كل البعد عن أي طحين.
شعور واشنطن بأن السودان ألحق هزيمة نكراء فى (وسط اكواخ الافارقة) وفي معقل الرمز الافريقي الشهير (مانديلا) زاد من تعاستها حيال تعاملها مع هذا البلد الذي لا يستسلم ولا يتراجع مع أنه لا يملك القوة الواقعية الكافية. ومع ان واشنطن ما تزال تعلق جراح هزيمة جوهانسبرج حيث لم يجديها توجيه اللوم الى حكومة جنوب افريقيا ولم تجد تهديداها (تحت الطاولة) للقادة الأفارقة إلا انه كان من الواضح ان من الصعب عليها ان تتقبل فكرة بحث استراتيجية خروج اليوناميد من دارفور. وكأني بواشنطن تقول (لا ليس بهذه السرعة والبساطة)!
وعلى ذلك فإن من الطبيعي ونحن حيال هذه المعطيات والملابسات المعقدة ان تعيد واشنطن تجديد اسم السودان فى قائمتها الخاصة بالإرهاب، فهي تعلم ان السودان من الناحية العملية الموضوعية المجردة لا يملك دعم أي ارهاب ولم يثبت تورطه من قبل -لا بالحق ولا بالباطل- في أي عمل ارهابي في اية بقعة من بقاع العالم، بل على العكس، ساهم السودان فى  تسعينات القرن الماضي ومطلع الالفية فى التعاون مع واشنطن وعدد من الدول الغربية فى مكافحة الارهاب.
إذن تجديد وضع السودان فى القائمة ليس قائماً على أدلة أصلاً ولا المقصود منه معاقبة ملاحقة السودان جراء دعمه للإرهاب فلو كان السودان يدعم الارهاب لسعت واشنطن الى ملاحقته وتدميره ولكن المقصود هو إشعار السودان ان الولايات المتحدة تملك من الاوراق والذرائع ما يكفي لجعل هذا البلد وباستمرار موضع نظر القوى العظمى وموضع مساومتها وصفاقتها.
واشنطن عاقدة العزم على ممارسة اقصى درجات الظلم ضد السودان دون أدنى اعتبار لحقائق الواقع المجردة، فهي كما يبدو جلياً تستكثر على السودان ان يمر بكل هذه المنعطفات القاسية ويظل حياً وقوياً وقادراً على التحدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق