الاثنين، 22 يونيو 2015

ما سر قوة السودان في مواجهة أعدائه؟

الامر الذي ظل يدهش العديد من القوى المعارضة في السودان، ان الحكومة التي ظلوا يعارضونها لما يجاوز العقدين من الزمان -لدهشتهم- ظلت وباستمرار تكتسب قوة اضافية غير متوقعة من أي موقف صعب وخطير تمر به. مئات المواقف الفارقة الصعبة التي واجهت الحكومة السودانية ظلت طوال الفترة الماضية، وتجاوزتها ببساطة واستفادت من تداعياتها وحولتها لمصلحتها ومصلحة السودان.
أكثر من 20 قرار دولي صارم وصادم، بل ومفزع، لم يكلف الحكومة اكثر من ان تمارس حيالهم صموداً اسطورياً وبعدها راحت هذه القرارات، بل وكادت ان تصبح كأن لم تكن. مورست ضدها بعناية وذكاء سياسية (شد الاطراف) بحيث تفجرت غالب اطراف السودان بعمل مسلح موفور الدعم.
ومضى حينٌ على السودان كان يقاتل خلاله على حوالي 5 جبهات أيسرها وأقلها شأناً تستخدم اسلحة موازية لأسلحة الجيش السوداني ومع ذلك لا تهاوي الجيش السوداني وأنهار، ولا تهاوى الاقتصاد لشدة الضغط والصرف اليومي المهلك، ولا تمزقت الجبهة الداخلية. لم يكن في ذهن الذين خططوا لهذا العمل البغيض ان الحكومة في الخرطوم بإمكانها ان تتحمل هذا العبء المؤلم ولو لأسبوع واحد.
وحين فشلت النظرية و تداعت الخطة، فإن مهندسي الخطط لجئوا الى سياسة الإغراق، وذلك عبر حفظ السلام. وكانت حسابات المهندسين الدوليين في نيويورك أن وجود هذا الكم المهول من ذوي القبعات الزرقاء بآلياتهم وجنودهم كفيل بالضغط على القصبة الهوائية للحكومة السودانية لتمنع عنها الهواء فما تلبث ان تسلم الروح خلال اسابيع قلائل.
ولكن جاءت المفارقة المحيرة ان الحكومة السودانية قضت على الوجود المسلح في اقليم دارفور وطاردت الحركات المسلحة وألجأتها الى دولة جنوب السودان ثم بدأت –لسخريات القدر– في اسباغ حمايتها الخاصة على قوات الامم المتحدة (اليوناميد) في وضع مقلوب مدهش للغاية تحولت معه القوات المراد تمكينها من السيطرة على الاقليم الى قوات طالبة للحماية السودانية.
كان واضحاً ان التجربة اكسبت الحكومة قوة اضافية للدرجة التى وصلت فيها الى نقطة النهاية بالمطالبة بوضع استراتيجية لخروج القوات الدولية! ثم جاءت فكرة مهندسي محاصرة الحكومة هذه المرة من لاهاي (مقر محكمة الجنايات الدولية) وتفتق ذكاء المهندسين هذه المرة عن استهداف رمز سيادة الدولة (الرئيس).
حسابات القوى المخططة كانت دقيقة للغاية وكما قال أوكامبو مدعي المحكمة في حينها ما علينا إلا الانتظار لأسابيع لكي نشاهد البشير في قبضة لاهاي! ولكن السودان حول الازمة من سياقها الهادف الى ملاحقة الرئيس الى ملاحقة المحكمة!
نجح السودان نجاحاً تاريخياً منقطع النظير في بلورة موقف افريقي وعربي مؤثر مناهض للمحكمة وحين تأكد من تأمين هذا الجانب اتجه -بمهارة وذكاء- الى خلق تحديات قاسية وخطيرة في مواجهة المحكمة، وأدخلت الحكومة السودانية محكمة لاهاي في أكثر من امتحان قاسي.
اختارت الحكومة أكثر من 6 ملاعب حتى الآن لعبت فيها المباراة تارة بجمهور وتارة بغير جمهور في كل من تشاد كينيا والصين وارتريا والخليج، وأخيراً بدولة جنوب افريقيا. استطاع السودان ان يفرغ اطارات المحكمة تماماً ويخرج من المواجهة اكثر قوة، وإذا جاز لنا توصيف طبيعة هذه القوة التى ما فتئ السوداني يكتسبها تباعاً في كل موقف وتثير دهشة الجميع فهي باختصار صدق عزيمته وقوة إرادته وإيمانه بمبادئه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق