الثلاثاء، 19 يوليو 2016

(إعلان كيجالي)..إجماع حول الجنائية وحقوق الإنسان

اختتمت بالعاصمة الرواندية كيجالي قمة الاتحاد الأفريقي السابعة والعشرين ، والتي شارك فيها (27) رئيساً من جملة (54) رئيساً أفريقياً، بحضور الرئيس عمر البشير. حيث كانت قضايا القارة ومشاكلها من حروب وفقر وجوع ومرض وتخلف وخلافات سياسية
حاضرة على طاولت النقاش. الكثيرون يرون أن هذه القمة جاءت مختلفة بعض الشيء عن القمم التي سبقتها من حيث الموضوع والحضور والجدية. الشعوب الأفريقية هي الأخرى تنتظر مخرجات القمة وما دار بين قادتها لتعلم أي منقلب تنقلب، والي أي مدى قادتها قادرون على معالجة مشكلات وتحديات القارة التي ظلت تئن تحت وطأت الأزمات منذ الاستقلال، ولكن بلا شك فأن أهم القضايا حضوراً في هذه القمة قضايا التحرر ومواجهة المحكمة الجنائية الدولية التي أصبحت تمثل أداة غريبة في مواجهة الزعماء الأفارقة، وخلال يومين كاملين بالمدينة الساحرة تناقش القادة الأفارقة حول العديد من القضايا السياسية والاقتصادية التي تهم دول القارة.
نشاط البشير
والتقي الرئيس عمر البشير على هامش مشاركته في القمة وبمقر إقامته في فندق سارينا بالعاصمة الرواندية كيغالي أمس، مفتي جمهورية رواندا الشيخ سالم هايريمان وعدداً من ممثلي رابطة خريجي جامعة أفريقيا العالمية في رواندا. حيث أعرب مفتي رواندا عن تقدير بلاده للدور الكبير الذي ظل يلعبه السودان في نشر الدعوة الإسلامية وعلوم اللغة العربية في أفريقيا، وذلك من خلال المنح الدراسية التي يقدمها السودان للطلاب الأفارقة عبر جامعة إفريقيا العالمية، كما كرمت رابطة الطلبة الروانديين المتخرجين من جامعة إفريقيا الرئيس البشير تقديراً لدوره في دعم العمل الدعوي.
والتقى البشر كذلك بالرئيس الرواندي ورئيسي غينيا بيساو خوزية ماريو، ومالي إبراهيم كيتا_كل على حدة_ لمناقشة القضايا المشتركة بين السودان وهذه الدول، وبحثت اللقاءات العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها، بجانب تدعيم آفاق التعاون المشترك وتنسيق المواقف في المحافل الإقليمية والدولية، وتطرقت إلي أهمية تعزيز التعاون الإفريقي الإفريقي، وتعضيد التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدان. وقال البروفسور إبراهيم غندور، وزير الخارجية، حسب(سونا)،أمس، إن الرئيس البشير وجه دعوة لرئيس غينيا بيساو لزيارة السودان. وأوضح أن رئيس مالي سيبعث مبعوثاً شخصياً لتسليم رسالة للبشير تتعلق بالتعاون والعلاقات الثنائية .
إجازة مقترح التمويل
وأجازة القمة، مقترحاً لتمويل الاتحاد الإفريقي يقضي بخصم(0.02%) من ضريبة الوارد من أي دولة أفريقية للمساهمة في تمويل مؤسسات الاتحاد. وقال السفير الزين إبراهيم حسين، نائب رئيس بعثة السودان بأديس أبابا، حسب(سونا)، أمس ، أن الدول الأفريقية اعتمدت هذا المقترح لتمويل مؤسسات الاتحاد الأفريقي بشكل مستدام في إطار خطة جديدة تستهدف اعتماد الاتحاد على الموارد الذاتية لدول القارة، وأبان أن الاجتماع أقر بأن يتم جمع هذه الضريبة من البنوك المركزية للدول الأفريقية. وأضاف بأن القادة الأفارقة أجمعوا على أهمية اعتماد الاتحاد الأفريقي على نفسه لتحقيق استقلال القرار الأفريقي وتجنباً لأجندة الدول الكبرى، وقال أن اعتماد المقترح من قبل الرؤساء الأفارقة يمثل قراراً تاريخياً لجهة مساهمته في سيادة أفريقيا واستقلال قرارها. وأوضح أن الاتحاد الأفريقي كانت تواجهه مشكلة ميزانية لأن(60%) من ميزانية البرامج تأتي من المانحين، فضلاً عن أن (62%) من ميزانية الاتحاد تذهب للتشغيل.
إعلان كيجالي
وفي نهاية القمة، أمس. أصدر إعلان كيغالي حول حقوق الإنسان بالتركيز على حقوق المرأة. وأكد الإعلان ضرورة تعزيز آليات حقوق الإنسان في الإطار الوطني والاهتمام بتعزيز حقوق المرأة خاصة فيما يتعلق بالنزاعات بناء على الاتفاقية الخاصة بالسلم والأمن، وركز إعلان كيغالي على حق المرأة في التنمية في مجالات الصحة والتعليم، ودعا إلي تقوية التشريعات الوطنية في الدول الإفريقية من أجل تعزيز حقوق المرأة، وأكد الإعلان ضرورة إتاحة الفرص للمرأة للمشاركة في التجارة وتملك الأصول.
كما أكدت القمة التزامها بالإجماع الإفريقي الرافض لاستهداف المحكمة الجنائية الدولية للقادة الأفارقة، وأعلنت تمسكها بما خرج به الرؤساء الأفارقة خلال قمتي أديس أبابا وجوهانسبيرج الماضيتين. وقال إبراهيم غندور، وزير الخارجية إن قمة كيغالي أعلنت رفضها القاطع لاتهامات المحكمة ضد الرئيس البشير ونائب الرئيس الكيني وأشار الى اجراءات سيتم اتخاذها للتعامل مع هذه القضية، وقال إن القمة كلفت لجنة وزارية للاتصال بمجلس الأمن الدولي لتوضيح مواقف الدول الأفريقية في هذا الصدد وتقديم تقرير لقمة أديس أبابا القادمة في يناير المقبل في هذا الشأن.
وأوضح وزير الخارجية أن القمة أشارت إلى أنه اذا لم يستجب مجلس الأمن لإرادة الدول الأفريقية حول هذه القضية فإن على اللجنة الوزارية وضع خطة للخروج الجماعي للدول الأفريقية من المحكمة الجنائية الدولية.
كما أقرت القمة تأجيل انتخاب القيادة التنفيذية لمفوضية الاتحاد الافريقي الى حين انعقاد قمة الاتحاد الافريقي القادمة في أديس أبابا في يناير المقبل. وقال غندور إن الانتخابات جرت لسبع جولات متتالية ولم يحصل فيها أي من المرشحين على ثلثي الأصوات المطلوبة، واضاف بأن قمة الرؤساء اقرت تأجيلها مع فتح باب الترشيح مرة اخرى، وتابع بأن عدد الممتنعين عن التصويت بلغ (28) دولة، وقال إن هذا العدد يمثل أكثر من (50%) من الدول الأفريقية، مؤكداً التزام السودان بالإجماع الافريقي.
مشاهد بارزة
تميزت هذه القمة بمشاهد بارزة- والتي تحدث عنها أكثر من مرصد – لم تحدث من قبل في القمم الافريقية التي سبقتها وهو أمر قد يميزها عن باقي القمم السابقة، حيث تميزت هذه القمة بالهدوء وقلة الاجراءات الأمنية وسهولتها، كما عقدت جميع أعمال القمة في مواعيدها على عكس القمم السابقة. وحظيت هذه القمة بنشاط إعلامي غير مسبوق. حيث شاركفي تغطية اعمالها أكثر من(280) صحفياً، غالبيتهم من الصحافة الرسمية والمرافقين للرؤساء الأفارقة، واقتصرت مشاركة الإعلام المستقل على عدد قليل من وسائل الاعلام التي طغى عليها الإعلام الناطق بالفرنسية، فيما كان حضور الإعلام العربي متواضعاً جداً.
أيضاً شكلت المحاولة الإنقلابية الفاشلة التي شهدتهاتركيا مساء الجمعة، حضوراً قوياً ومؤثراً في كلمات وتصريحات أغلب المشاركين في القمة من القادة والمسؤولين، رافضين ومنددين بالعملية التي وصفها كثيرون منهم بـ(العمل المرفوض)، ومعبرين عن إشادتهم بموقف الشعب التركي الذي انتصر للديمقراطية.
وشهدت الجلسة الافتتاحية مراسيم إعلان جواز السفر الأفريقي الموحد للقادة والدبلوماسيين، بصفته حدثاً كبيراً، وسلمت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نسخة لرئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي الرئس التشادي إدريس ديبي، ونسخة للرئيس الرواندي بول كاقامي كرئيس للدولة المضيفة.
ورغم ان المراقبين الدوليين للقمة حضروا الى رواندا بدون دعوات إلا أنهم لم يحضروا الجلسة الافتتاحية ولم يزوروا مركز المؤتمرات (وسط كيغالي) الذي يستضيف القمة الافريقية، والمراقبون هم الأمن العام للأمم المتحدة بان كي مون، ومساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية ومبعوثو الترويكا (بريطانيا وأمريكا والنرويج)، ووزير الخارجية الصيني، ما يعني أن القادة الأفارقة كانوا مشغولين بقضايا أهم من الاستقبال والبرتوكول.
تناقض المشهد
من المواقف المتناقضة في هذه القمة أن شعارها كان عن حقوق الإنسان، وخاصة ما يتصل منها بالمرأة، إلا أن الجلسة الافتتاحية شهدت مشاركة متواضعة للمرأة، فالقاعة بكاملها كانت تعج بالذكور ماعدا مشاركة سيدات من (9) دول، وكان الافتتاح مختصراً بأغنية أفريقية قامت بأدائها فتيات من رواندا. حيث كان المظهر الذكوري طاغياً على القاعة.
رؤساء غيبهم الموت
وغاب عن القمة رؤساء غيبهم الموت خلال الفترة الماضية، ومنهم رئيس ما تعرف بالجمهورية الصحراوية محمد عبد العزيز. حيث شهدت القمة دقيقة حداد على روحه، وهذه الجمهورية أعلنت(البوليساريو) قيامها عام 1976م من طرف واحد. الأمر الذي رفضته المملكة المغربية. حيث اعترفت بها بعض الدول بشكل جزئي، ثم تراجعت عن الاعتراف بها، وهي ليست عضواً بالأمم المتحدة.
مشاركون جدد
كما شهدت القمة ظهور مشاركين جدد، منهم رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فوستان أركونج، رئيس دولة بنين باتريك تالون، رئيس جزر القمة غزالي عثماني، حيث وصل هؤلاء الى السلطة في بلدانهم عقب القمة الأفريقية(26). كما تم اعادة انتخاب الرئيس اليوغندي يوري موسفيني، الرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر، رئيس النيجر اسوسفو، رئيس غينيا الاستوائية تيودر ابيانغ، والرئيس التشادي ادريس ديبي.
كما سجل رؤساء دول شمال أفريقيا غياباً ملحوظاً اذ تغيب الفريق سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان للمرة الثانية.

حيث تغيب عن قمة يناير الماضية بأديس أبابا، وبرغم غياب الرئيس إلا أن أزمة جنوب السودان كانت حاضرة في كل الكلمات وأغلب الاجتماعات، فيما سجل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي غياباً منذ قمة ديربان 2002م في جنوب أفريقيا.

الأكبر سناً

رئيس رواندا الدولة المستضيفة لم تفارقه الفرحة والبسمة، من خلال ترحيبه بالضيوف وكان أكثر الرؤساء تجولاً بحرية واسعة ويقوم بعمليات تفقد في أروقة مركز المؤتمر وفندق راديسون المجاور له، وحملت مشاركته ملامح جديدة. حيث يعد الأكبر سناً من بين الرؤساء المشاركين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق