الأربعاء، 20 يوليو 2016

المحكمة الجنائية الدولية.. (امتحان العدالة)

 توالت الضربات على المحكمة الجنائية الدولية، لتجد نفسها أمام صعوبات وعراقيل كبيرة وكثيرة تقف أمام أداء مهامها، وربما قد تقودها إلى الزوال بعد رفض الدول الأفريقية
والعربية دعواتها باعتقال الرئيس عمر البشير،واعتبرت هذه الدول المحكمة أداة لتصفية حسابات سياسية مع الدول الأفريقية والمستضعفة، في الوقت الذي تتغاضى فيه عن الجرائم الإنسانية في القارات الأخرى مثل آسيا، ومجازر المسلمين في بنما وغزة. وفي إطار كشف نوايا الجنائية وسقطاتها، نظم المركز القومي للإنتاج الإعلامي. أمس ندوة بعنوان (المحكمة الجنائية والسقوط في امتحان العدالة) تحدث فيها عدد من القانونيين والمختصين والمهتمين.
دنو النهاية
وأكد د. سراج الدين حامد، سفير السودان السابق في لاهاي، أن السودان لا يتخوف من المحكمة، وأنه يمتلك قوة تأثير استطاع عبرها أن يحشد الدول الأفريقية في دعمه والوقوف ضد قرارات المحكمة الجنائية، مشيراً إلى أن المحكمة التفتت إلى تأثير السودان ما دفعها لإحالة يوغندا وجيبوتي الى مجلس الأمن، مؤكداً أن المجلس لن يستطيع اتخاذ أية اجراءات ضد السودان، ووصف قرار توقيف الرئيس ابشير بـ(المفبرك) الخالي من البينات، ودعا الى تبرير صرف (17) مليون دولار كرشاوي لجلب الشهود ونوه سراج الى مساع يقودها الاتحاد الأفريقي لمواجهة مجلس الأمن في الإجراءات التي تتخذ ضد القارة الأفريقية أو اتخاذ استراتيجية واضحة في الانسحاب، مؤكداً حصار السودان للمحكمة ودنو نهايتها.
وكشف سراج الدين عن وجود سودانيين مرتزقة من الحركات المتمردة قال إنهم أثروا من أموال المحكمة، ودعا إلى أن تمضي الخرطوم عبر الدول الصديقة في اتخاذ اجراءات ضد المحكمة والطعن ضد المدعي العام، مؤكداً اطمئنان السودان على سلامة المستندات التي يعتمد عليها ضد محكمة الجنايات الدولية، مشيراً الى أن بدء اجراءات وزراء الدول الافريقية في الطعن ضد مدعي المحكمة سيكون نهاية محكمة الجنايات الدولية.
شبهات منذ النشأة
د. عبد الرحمن ابراهيم نقيب المحامين الأسبق الخبير في القانون الدولي، أشار الى ان المحكمة منذ انشائها حامت حولها شبهات ما دعا البعض الى تسميتها بالمحكمة الاوروبية لافتاً الى انها تمول من دول معينة تؤثر عليها وتفرض عليها املاءات، داعياً الى أن تبتعد عن المؤثرات السياسية والسلوك الذي يقدح في عدالتها ويخدش مهنيتها، مبيناً ان فرنسا أبادت مليون جزائري ولم سحابها احد، بينما تطالب محاسبة دول أفريقيا.
وأشار ابراهيم الى حرب نفسية مارسها الغرب عبر محاولات سابقة عديدة تستهدف السودان في خلق عداء مع الدول المحيطة به اضافة لتأزم علاقاته مع الدول المجاورة عبر مصر وكينيا واثيوبيا مؤكداً ان هذه المحاولات فشلت وارتدت عليهم، مشيراً الى أن مواجهات المحكمة للسودان مصنوعة لخدمة أهداف غربية، فيما لم توجه لدول مثل الولايات المتحدة ودول أوروبية أرتكبت جرائم وابادات جماعية في العراق وعدد من الدول العربية، لافتاً الى ان تاريخ بريطانيا في افريقيا معظمه اسود ولم تعتذر لتلك الدول ولم تقدم للقضاء.
ونوه الخبير في القانون الدولي الى أن كافة المؤشرات مؤخراً تجاه المحكمة فضحتها، وتابع (ما نشأ على باطل فهو باطل)، موضحاً أن المحكمة لم تنشأ على ساقين وأن السوس نخر في جسدها إثر الفساد المالي والأخلاقي، مؤكداً أن محكمة الجنايات ثبت فسادها مالياً واخلاقياً، بجانب افتقارها للأسس العدلية، وزاد : (المحكمة ذات طابع سياسي أريد بها تركيع دول معينة). ومضى الخبير بأن الاستعمار الذي خرج بالباب يريد أن يعود بالشباك، مشيراً إلى أن المحكمة وقضائها لا يستحقون شرف القضاء جراء ما يرتكب من فساد.
وأبان أن قمة كيغالي التي ختمت أعمالها مؤخراً دعمت قمماً أفريقية سابقة من بينها قمة (جوهانسبيرج) في الوقوف ضد الجنائية واتخاذ موقف واضح في الانسحاب من المحكمة.
مع القواعد والعدالة
من جانبه، جدد مولانا الفاضل حاج سليمان، القيادي بالمؤتمر الوطني، الخبير القانوني، القول بأن السودان ليس معنياً بالمحكمة باعتباره ضمن الدول غير الموقعة على (ميثاق روما)، في الوقت الذي أكد فيه أن السودان ليس ضد انشاء جسم دولي بهدف لحماية حقوق الإنسان ويعرض الأفراد الطبيعيين للمحاسبة. مؤكداً أن المجتمع السوداني يؤمن به. وأضاف (لا يفهم من ذلك بأن السودان ضد القواعد في ميثاق روما، ولكن ضد الاستغلال السياسي في أوضاع الدول).
وأشار حاج سليمان إلى ارتكاب الحركات المتمردة جرائم في السودان بدعم خارجي رغم سيادة الدولة متسائلاً عن دور المحكمة في الجرائم التي ترتكبها تجاه المدنيين والأبرياء، واصفاً المحكمة بـ(المسيسة) لتصفية حسابات سياسية عبر ميثاق روما، مؤكداً أن موقف الخرطوم لم يكن معزولاً عن الموقف الافريقي تجاه محكمة الجنايات الدولية، وتابع (لولا الانتهاك والمناهضة لما وقفت الدول الافريقية ضد المحكمة).
وأكد حاج سليمان أن السودان استطاع أن يقنع المجموعة الأفريقية بأن المحكمة سياسية مقصود بها الدول الأفريقية، وأن البلاد لا تتخوف من العدالة الدولية لأهميتها، في الوقت الذي دعا فيه للتعامل بحذر وألا يستند السودان إلى القضاء تحسباً لما يحدث لمساندي المحكمة.
وأرجع الخبير القانوني، القصد من تأسيس المحكمة الجنائية الدولية لإدانة الدول الأفريقية وقيادتها لتحقيق أغراض الدول الغربية، مشيراً إلى أن القضاء السوداني ما عهد عليه مثل أعمال المحكمة الجنائية في تلقى الرشاوي، واصفاً الأمر بالمفاجأة لمحكمة الغرض منها تطبيق القانون الدولي الإنساني في حقوق الإنسان منوهاً إلى أن فساد المحكمة في تلقيها رشاوي يؤكد نهايتها.
ظاهرة أولى
وفي معرض حديثه أشار الباحث في القانون الدولي هانئ تاج السر، الى عدد من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها بعض الدول الاوروبية والولايات المتحدة في فلسطين والعراق، قال إن المحكمة تجاوزتها وغضت الطرف عنها، في الوقت الذي تهاجم وتدين الدول الافريقية وقيادتها وبعض الدول المستضعفة ولفت الى أن المحكمة أصبحت في الوقت الراهن أداة من أدوات الدول الكبرى توجهها كيف تشاء، وذكر أن السودان واجه أزمة شرسة من المحكمة تصدت لها دولة الصين في مجلس الأمن.
ووصف هانئ رشاوي المحكمة مؤخراً في تلقيها لـ(17) مليون دولار بالظاهرة الأولى لمؤسسة عدلية، وأن مسألة توقيف رئيس دولة هي السابقة الوحيدة في القانون الدولي مشيراً الى فتح السودان دعوى جنائية قيد الاجراء.وأضاف بأن على الدول فتح ملفات المحكمة وفضح ادعاءاتها، مؤكداً ان محكمة الجنايات تفتقر إلى آليات للقبض على المتهمين وإنما تتكفل بهم الدول الأعضاء.
ونفى الباحث القانوني، أن يكون للحكومة تعاملاً رسمياً مع المحكمة الجنائية إبان إتهام مولانا أحمد هارون وموسى هلال، مستدركاً بأن تعامل السودان جاء ظناً منه بأن المحكمة قانونية تعمل على تكريس أوجه العدالة، في الوقت الذي قال فيه إن القضاء السوداني الوحيد الذي يصدر قضاة إلى العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق