الاثنين، 18 يوليو 2016

محكمة الجنايات الدولية: إستحالة البقاء!

 لم يكن الأمر المؤسف أن ترتبك محكمة الجنايات الدولية جرائماً أكثر بشاعة من الجرائم التى تنظرها، فالذي يتابع طريقة إنشاء المؤسسات الدولية وكيفية إختيار موظفيها و تمويلها و الدور الذي تلعبه أجهزة مخابرات الدول الكبرى للسيطرة على هذه المؤسسات الدولية لن يستغرب وجود (عملاء) يلبسون ثياب موظفين أبرياء ومرتشين متخفين ينفذون مصالح هذه القوى الدولية.
ر بما لا يتسع الأمر هنا لاستعراض حالات مماثلة لموظفين كثر في مؤسسات دولة عديدة بعضها تابع للمنظمة الدولية ووكالاتها المتخصصة، وبعضها تم إنشاؤه بمعاهدات بين بعض دول العالم. مذكرات العديد من الموظفين الدوليين الذين عملوا في مؤسسات دولية مختلفة كشفوا جانباً من ما تعرضوا له من ضغوط و إغراءات بهذا الصدد من قبل قوى دولية عديدة للعمل لصالحها!
هذه أمور متعارف عليها في هذه المؤسسات وفي كثير من الأحيان لا يكون أثرها كبيراً، ولكن المؤسف بشأن تجربة محكمة الجنايات الدولية التى ثبت فساد بعض أهم موظفيها أنها تجربة لا تحتمل الفساد ومن ثم فهي غير قابلة للإصلاح، مهما كانت طريقة اختيار القضاة وتنفيذهم و سيرتهم الذاتية وسلوكهم وأخلاقهم، فهي كما الزجاجة التى صنعت من الأساس مكسورة ولا تحتمل اللمس وتحيط بها خدوش عديدة.
لا مجال لمعالجة الكسر الذي تم تصنيعها به والخدوش التى توالت عليها وبإمكاننا الآن تعداد عدة اعتبارات تجعل من محاولة تجاهل الجرائم التى ارتكبها قضاتها ومدعيها العام السابق أو الحالي وإجبارهم على الاستقالة ومن ثم استبدالهم بآخرين عملية عديمة الجدوى والنفع ولن تغير من نزاهة المحكمة واستقامة قضاتها شيئاً.
أولاً، تجربة المحكمة العملية الآن فاقت الـ13 عاماً، وهي مدة من الطبيعي أن تفرز ممارسات بالغة السوء سواء في أوساط القضاة أو الموظفين أو أي جهات يتصل علمها بالمحكمة. لو أن المحكمة كانت تضم قضاة أو موظفين نزيهين من ذوي الاستقامة لما فات عليهم -طوال هذه المدة- اكتشاف فساد بعض قضاتها!
ربما كان الأمر سيتخلف كلية لو أن قضاة المحكمة أو موظفيها الذين اكتشفوا جرائم الرشوة و الفساد أعلنوا عنها. حينها كان من الممكن القول ان هنالك قضاة شرفاء و نزيهين داخل المحكمة. من جانب آخر فإن من المستحيل عملياً أن يظل هؤلاء القضاة والموظفين -وهم ذوي خبرة و ذكاء حاد- في مؤسسة عدلية و هيئة قضائية دولية رفيعة كهذه دون أن يعلموا بوجود فساد فيها؛ ودون أن يعلموا كيف يتم الصرف والتمويل لعمليات إستجواب الشهود، و دون أن يعلموا طبيعة سلوك رصفائهم ومظاهر الثراء التى ظهرت عليهم، بل ودون أن يعلموا نوايا بعضهم في طريقة أدائهم لعملهم، فحتى لو كانوا (يجهلون) كل ذلك فهذا يعني أنهم غير جديرين من حيث الكفاءة و الأخلاق على العمل في هذه المحكمة طالما ليست لديهم قدرة استشعار الفساد!
ثانياً، مع نشر الوثائق الدالة على فساد القضاة لم يتقدم أي قاضي آخر أو موظف او أحد مساعدي المدعي العام بإستقالة أو حتى توضيح لما تم نشره من وثائق. طبيعة العمل القضائي عموماً تتطلب من (ذوي النزاهة) أن يبادروا بالاستقالة حال إتهام أعلى شخص في هيئتهم بإتهام كهذا حتى تثبت التحقيقات عكس ذلك، أما وقد ارتضوا الصمت المريب فإن الاتهام يطالهم!
ثالثاً، إتهام قضاة في هيئة قضائية دولية حساسة كهذي أمر ليس عادياً فهو يعني أن الأساس الذي قامت عليه هذه الهيئة القضائية الدولية لم يكن سليماً ومن ثم فإن محاولة ترك الاساس كما هو وترميم ما بني علي باطل لن يغير من الامر شيء فالقاعدة الذهبية في القانون تقول ما بني على باطل فهو باطل !
 ليس بوسع أحد أن يثبت بعد اليوم ان الملفات التى بحوزة المحكمة جرى التحقيق فيها بنزاهة، بل لا يعرف أحد كيف س

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق