الأربعاء، 20 يوليو 2016

فضيحة رشاوي لاهاي.. كيف بدأت القصة المدوِّية ومن هم أبطالها؟ (1)

ربما لم ينتبه المجتمع الدولي بعد إلى الفضيحة القضائية المدوية لما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية والمتمثلة في دفع رشاوي مالية على فترة متباعدة لقضاة ومدعي المحكمة، ولكن من المهم قبل الوقوف عند هذه الفضيحة المزكمة للأنوف أن
نتتبع بشيء من الأناة  التفصيل، الطرق الملتوية البالغة الغرابة التى اتبعتها المحكمة في تأسيس دعاوي جنائية ضد كبار المسئولين السودانيين وفي مقدمتهم الرئيس البشير.
طرق مؤسفة ولا تمت إلى العدالة بصلة بدأت منذ تاريخ الإحالة الصادر من مجلس الأمن الدولي وكان واضحاً أن مدعي المحكمة حينها (لويس مورينو أوكامبو) اعتبر قرار الإحالة الصادر عن مجلس الأمن بمثابة (أمر) له لكي يؤسس بأي طريقة دعاوي جنائية ضد المسئولين السودانيين، ولم يتوانى الرجل في فعل ذلك كما سوف نرى.
أكثر ما يلفت النظر في طريقة تعامل المحكمة مع ملف جرائم دارفور إرتباط أخذ الشهادة من الشهود بالمال والوعد بالحماية، والوعد بأن يقيم الشاهد إقامة مريحة في أي دولة أوروبية، والمدهش في هذا الصدد إن أغلب هؤلاء الشهود أو من أطلق عليه اسم شهود، عادوا في وقت لاحق ليقولوا بحسرة وندم ويكشفوا عن الطريقة التى تم اختيارهم عبرها كشهود، ومن أخذ إفاداتهم و بماذا وُعِدوا؟
 وفي هذا الصدد إن الشهود الذين اعتمدت عليهم المحكمة بلغوا حوالي 75 شاهداً، وأخذت إفاداتهم في الفترة ما بين (2006 – 2007) . الشخص الذي جرى تكليفه بإجراء المقابلات مع الشهود وانتقائهم واستجوابهم يدعى (أدرمان عفيفي) وهو من أصل فلسطيني، وتولى الترجمة سوداني يدعى (ابراهيم هاشم) يقيم في مدينة  (درينق) وتعاونه مجموعة من أبناء دارفور مثل (نور عز الدين) المقيم ببريطانيا.
ولكي يقف القارئ على حقيقة هؤلاء الشهود ويدرك ما إذا كانوا شهوداً بحق، أم أنهم أشخاص لديهم مشاكلهم و مرتبطين بجهات مشبوهة؟ فعلى سبيل المثال هناك (6) من الشهود من المقيمين بمعسكرات اللاجئين في تشاد وهم محمود آدم عدوي، وهو من قبيلة الزغاوة، و تيراب آدم بوي من قبلية الزغاوة ويقيم بمعسكر أوتيق بتشاد، ويوسف محمد نورين من الزغاوة أيضاً، ويقيم بمعسكر الطينة، ومثله أيضاً محمدين أبشر نور. أما عبد الله خميس فهو من أبناء المساليت ويقيم بمعسكر أدرا التشادي، وحسن أرجح من الزغاوة ويقيم بأنجمينا.
هنالك أيضاً رائد معاش تاج الدين ويقيم الآن في هولندا وكان ضابطاً مالياً وقام بالهرب بمرتبات وحدته إلى تشاد! وشاركه في الهرب والاستيلاء على الأموال عثمان إسماعيل عبد الرحمن، وهو أيضاً من الشهود. أما أحمد بشارة شرف الدين فهو يقيم بليفربول. هناك أيضاً حسين هاشم أوبي من قبيلة الزغاوة ويقيم بالطينة بتشاد، ومحي الدين زكريا زغاوي مقيم بمانشستر، وعبد الرحمن إسماعيل نورين زغاوي يقيم بميرمنجهام!
هذه عينة بسيطة جداً من الشهود الذين بنت على شهادتهم المحكمة اتهامها، بينهم من ينتمي إلى الحركات المسلحة، وبينهم من ارتبك جرائم خاصة فهرب خوف المساءلة، وبينهم من تم وعده بالإقامة بالخارج كما واضح، وتم الوفاء له بالوعد.
ومما لا شك فيه في هذا الصدد أن هؤلاء الشهود الذين تولت الحركات المسلحة وفي مقدمتها حركة العدل والمساواة تقديمهم للمحققين كانوا في حاجة للمال والإقامة في الخارج بعائلاتهم وكانوا في حاجة لتأمين مستقبلهم.
هكذا بدأت قصة تحقيقات المحكمة، اعتمدت على مصادر إستخبارية وهذه بدورها لجأت إلى الحركات المسلحة ثم قامت خلايا محترفة بإجراء المقابلات وبذل الوعود ودفع الأموال وتهيئة الإقامة في الخارج.
كان واضحاً أن مهمة مكتب المدعي العام تتطلب أموالاً طائلة ولم يكن سهلاً تدبير هذه الأموال وصرفها على الشهود من قبل منظومة خارج المحكمة؛ لذا فإن مدعي عام المحكمة (لويس أوكامبو) ولكي يتم ترغيبه في القيام بمهمته، ولكي يستطيع الحصول على شهود لديهم القابلية لقبول دفع الأموال والإقامة بالخارج؛ جرى فتح حسابات مصرفية سرية لهم في بنوك معروفة وبدأت عملية تغذية هذه الحسابات بطريقة متأنية وهادئة وعادية حتى لا تكون موضعاً للشكوك.... نواصل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق