الأحد، 24 يوليو 2016

فضيحة رشاوي لاهاي.. كيف بدأت القصة المدوِّية ومن هم أبطالها؟ (3)

مواصلة للحلقتين الماضيين، فإن مثالب محكمة الجنايات الدولية لم تنته عند البحث عن شهود مفترضين بغية تأسيس دعاوي جنائية ضد المسئولين السودانيين. المحكمة لم تدع طرفاً من أطراف المؤامرة بكاملها دون أن تشركه في لعبتها، فعلى سبيل
المثال فإن وفداً من قضاة المحكمة طار إلى العاصمة اليوغندية كمبالا بتاريخ 27//5/2010 وكان في إنتظارهم عدداً من الأشخاص من العرب الرزيقات وعوائلهم وفي مقدمتهم (إزيرق أبو كيف) ومعه (محمود كورينا) و (أحمد كبر جبريل)!
 وفي ذلك الوقت لم ينتبه احد إلى أن الذين تولوا مهمة ترحيل هؤلاء الشهود من دارفور إلى كمبالا هم قوات البعثة المشتركة المكلفة بمهمة حفظ السلام وحماية المدنيين -حسب نطاق تفويضها في منطوق قرار مجلس الأمن- خلقت لنفسها تفويضاً إضافياً بإنتقاء الشهود وترحيلهم خارج السودان واستجوابهم! ولا أحد يدري بالطبع ما إذا كانت الطائرات والطيارين والحرس الذي تولى نقل هؤلاء الشهود قاموا بهذا العمل تطوعاً أم بمقابل مادي، في زمن من المستحيل فيه أن يتكبد فيه أحد مشاق كهذه لوجه العدالة!
إذن قوات اليوناميد كانت طرفاً في عملية إعداد الشهود وإملاء معلومات معينة عليهم والمشاركة في ترحيلهم واستجوابهم وهي بهذا الصدد تجاوزت نطاق تفويضها دون أن تخشى لوماً من أحد، الأمر الذي يكشف بجلاء أن القصة منذ بدايتها جرى الاتفاق حولها وتم وضع السيناريو لها بعناية بحيث يقوم كل طرف بالدور الموكول والمرسوم له بالمقابل المحدد، والذي خصصت له -بذكاء- حسابات القضاة المصرفية ظناً من الذين قاموا بهذه المهمة ووضعوا لها هذه الخطة أن أحداً لن يستطيع الوصول إلى حسابات هؤلاء القضاة المصرفية وإذا عرفها البعض مصادفة أو لأي سبب آخر –فإنها توحي لمن يعرف ذلك أنها ليست سوى حسابات مصرفية عادية يتم فيها توريد مبالغ صغيرة في أوقات متباعدة كشأن الحسابات العادية للأشخاص العاديين.
ولكن من وضع هذه الخطة لم يضع في اعتباره إجمالي المبلغ، ففي غضون عشرة أعوام لا يمكن أن تصل حسابات موظفين دوليين ويبلغ رصيدهم 17 مليون! وحتى لو حدث ذلك وإفترضنا أن هذا المال عبارة عن مرتباتهم المعتادة، فإن إيضاح هذه الحقائق قبل مباشرتهم لعملهم كان ضرورياً ولا يفوت على فطنة مؤسسي المحكمة وكلنا يعرف ذلك.
ولكي ندلل على هذه الفرضية فدوننا المؤتمر الصحفي الشهير الذي كانت قد عقدته مجموعة من قيادات حركات دارفور بفندق هيلتون بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بتاريخ 8/9/2009 فيما عرف بكيان تصحيح المسار. في هذا المؤتمر الصحفي كشفت المجموعة عن طريقة المحكمة في التعامل معهم ومع سكان المعسكرات وكيفية الإدلاء بشهاداتهم. ويكفي قول هذه المجموعة إن بعض سكان معسكرات اللاجئين تم ترحيلهم إلى إسرائيل لإعطائهم (دورة تدريبية) عن كيفية الإدلاء بالمعلومات القضائية المفيدة!
وكان أبرز قادة المجموعة الذي وثّقوا على الهواء الطلق ممارسة المحكمة ودورهم في العملية (سلمان أحمد حامد) رئيس المجموعة و (كمال الدين ابراهيم) و (صلاح الدين محمد منصور) الذي عمل مترجماً مع المحكمة ووقف على الكثير من التفاصيل. و (عبد الرحمن صالح يوسف) وكان شاهداً رئيسياً لأحداث 2003. ثم (إسماعيل محمد يوسف) أحد شهود (شتايا) و (أرباب اسحق علي) و (شرف صيام آدم) وأبو القاسم زكريا الذي عمل مترجماً لـ(هيومان رايتس ووتش).
كان واضحاً من إفادات هؤلاء القادة -الذين كانوا جزءً من البعثة- إن محكمة الجنايات الدولية كانت تمارس الترغيب بالمال وتضغط عليهم للشهادة ضد المسئولين السودانيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق