الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

قوى (الخلاف) الوطني!!

لم نكن نعتقد أن ما كان يسمى بقوى الإجماع الوطني – وهو تحالف معارض عاش ومات قبل سنوات – ما يزال حياً وبه نبض!! إلا حين حملت الأنباء قبل أيام أن رئيس هيئة التحالف (فاروق أبو عيسى) قدم استقالته، وأن الإجتماع بين مكونات التحالف أخرج (بيانين) متناقضين! وقائع الخلاف المتجذر أصلاً بين (الفرقاء المتحالفين) ليست واضحة تماماً، ولكنها بالمقابل مفهومة إلى حد بعيد، ذلك أن هذه القوى المعارضة، هي من الأساس لا يربط بينها أدنى رابط وفوق كل ذلك وحين اجتمعت على معارضة الحكومة، وصنعت لنفسها (أعلى سقف) وهو إسقاطها! من الطبيعي أن من لا يملك القدرة على التحالف والالتقاء على حد أدنى أو إنشاء برنامج وطني واقعي قابل للتطبيق، أن يصل به الحال إلى درجة إصدار بيانين!!
ومن المعروف لدينا كمراقبين أن قوى الإجماع هذه ماتت منذ أن أطلقت الحكومة السودانية قبل نحو من عامين(يناير 2014) دعوة الحوار الوطني! يومها ومع أن المشروع المطروح يوفر على هذه القوى وقتها وجهدها ويتيح لها طرح رؤاها ومطالبها بسهولة ويسر، الا أنها اختارت (الاختلاف) على الموقف من مشروع الحوار!
ليس ذلك فحسب، إذ أن المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور الترابي جرى تشييعه باللعنات والكلمات الكلامية الجارحة حين قرر قبول الانخراط في الحوار، كما أن حزب الأمة القومي، فارق التحالف – لأسباب تخصه – وانتقل زعيمه (ومعه حزبه في جيبه) للمعارضة من الخارج!! يومها لم يتبق داخل التحالف سوى اليسار المغلوب على أمره، بعض أشتات حق، الشيوعي ، البعث، والمؤتمر السوداني!
وحتى هؤلاء الباقون، فقدوا روح التحالف وصاروا يبحثون لهم عن مخارج ومنافذ ويسألون السماء معجزة من المعجزات!!
من الواضح الآن أن تحالف الإجماع فشل حتى في محاورة ومفاوضة الحكومة ولو بمظهر خارجي خادع! ولو بتماسك كاذب ينتهي بانتهاء الحوار.
وهذا الفشل فريد من نوعه وليسله مثيل ذلك أن العمل السياسي في منتهاه هو عمل وطني خالص، وأي سياسي حصيف تكون لديه خارطة سياسية واضحة  لطبيعة المشكلات –الرئيسية – التي يواجهها الوطن. ومن الطبيعي أن السياسي الذي يتصدى لحل مشكلات الوطن أن يتسم بقدر من التضحية والقدرة على تقديم رؤية بموضوعية والتسامي فوق الجراحات الخاصة والخلافات الجانبية. للأسف الشديد ما يسمى بقوى الإجماع الوطني أعطت نموذجاً مثالياً للفشل، وهي بهذا الصدد :
أولاً :  ليست مؤهلة على الإطلاق للتصدي للمشكلات لما بها من خلل في المفاهيم والتحلي بالموضوعية.
ثانياً : هي نفسها بمثابة (عبء إضافي) للمشاكل التي يواجهها السودان، فبدلاً من أن يعول على هذه القوى السياسية في حل مشكلات البلاد، هنالك (عبء) حل مشكلات هذه القوى أولاً وترشيدها وتطهيرها وتنظيفها من أوشابها العالقة بها!
ثالثاً : لا تملك هذه القوى أساساً أخلاقياً وسياسياً لخطابها الموجه نحو السلطة الحاكمة واعتقادها الخاطئ أنها بمثابة بديل استراتيجي للقوى الحاكمة، فالذي يود التصدي لحكم البلاد – وهو بهذا القدر من السطحية والهشاشة – يؤكد للمواطنين السودانيين بأنه غير جدير بالثقة مطلقاً!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق