الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

الحوار الوطني وأزمة القوي السياسية السودانية

التوافق السياسي السوداني يحتاج إلي اعتراف من مكونات المجتمع السوداني وأحزابه السياسية ومنظماته الاجتماعية وكياناته بكل تنوعاتها بأن السودان بلد التعددية المركبة ولا يمكن لأي حزب أن يقوم بحكمه مهما كان حجمه السياسي أو الاجتماعي والتعامل بسياسة الأمر الواقع.
إن الواقع السوداني تحكمه متغيرات داخلية وإقليمية ودولية فالمتغيرات الداخلية لابد من الاعتراف بها للتعامل الصحيح مع متطلباتها دون الإصرار علي تجاوزها وكأنها لم تكن ولكن التعامل معها بإيجابية هو الذي يقود إلي الوصول إلي تفاهمات ونقاط التقاء بين حكومات المجتمع ولا يتم ذلك إلا عبر الحوار السياسي والاجتماعي قبل أية إصلاحات أو تطور التجربة الديمقراطية فالحوار بين الأطراف لمناقشة القضايا السياسية وتبادل الآراء بشأنها وصولاً إلي التوافق بين الاتجاهات المختلفة حولها.
وأهم المتغيرات السياسية أن الانقلاب العسكري في 1989م أتاح الفرصة للطبقة المتوسطة ولوج المعترك السياسي مما أنشأ نخبة سياسية جديدة وهذا يتطلب مواعين جديدة لاستيعابها وهذا مرده أن القوي السياسية بعد دخول العولمة تطالب بالمشاركة السياسية، كما ظهرت منظمات المجتمع المدني.. المفردة جديدة في التزام السياسي إذن هناك مستجدات سياسية واجتماعية وثقافية ووعي سياسي للقواعد الشعبية لا يمكن لأي نظام سياسي أن يتجاوزها بالإضافة لدخول السودان العصر الرقمي الذي فرض معتركاً سياسياً جديداً يحتاج إلي أطر تنظيمية وفق معطيات جديدة مرتكزة علي مبادئ التعددية الثقافية بديلاً للرؤية الأحادية أو الفكر الوحيد، مع ضرورة التعرف علي أفكار الآخرين ومناقشتها بدلاً من تجاهلها أو منعها أو مصادرتها أو العداء مع أصحابها إلي حد الاقتتال الذي سببه عدم إتباع ثقافة الحوار.
إن البيئة السياسية الجديدة التي أفرزها النشاط الدولي الإقليمي رسمياً وشعبياً غير مرفوض التعامل معه من القوي السياسية، مما يحتاج إلي تحالف سياسي يساعد علي ترسيخ نظام سياسي وفق دستور يجد كل كيان سياسي نفسه داخله ولا يستثني أحداً، ويركز علي التعاون لسياسي علي القضايا العمة، وهذا ما يحقق التحول الديمقراطي الحقيقي بأن يأخذ كل فرد حقوقه ولا يتغول علي حقوق الآخرين.
وهذا الشكل يتطلب استعداد المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني أن تتعايش فيما بينها بإتباع سياسة القبول بالآخر، وأن تتوافق علي حل تقاطعاتها بالطرق السلمية والحوار ونبذ العنف المضاد.
إذن الحوار هو مستقبل الدولة السودانية ودونه لا يكون هناك توافق سياسي ولا استقرار سياسي مما يتطلب الأمر تفاعل تلك المتغيرات واستيعاب التكوين الجديد، في الساحة السياسية والمسرح السياسي التمترس والتوصل غير مفيد ولا يساعد علي التوافق السياسي ولكن تكمن أزمة القوي السياسية في عدم فهم معني الحوار وبعض منها ينظر للحوار علي أنه ينهض علي أرض التناقض والتضاد والاقتناع والمحاججة ودحض ما لدي الآخر الخطأ وما لديه هو الصواب، ولكن الحوار هو تبادل الآراء في قضية تلتف حولها الآراء لزيادة نقاط الالتقاء وتقليل نقاط التباعد لذلك الحوار عملية نقاط الالتقاء وتقليل نقاط التباعد لذلك الحوار عملية مستمرة يلجأ إليها عند الاختلاف والتباين حول قضية سياسية معينة وهذا يقود إلي أن أزمة القوي السياسية هي بعدها عن هذا الفهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق