الاثنين، 28 ديسمبر 2015

قطاع الشمال والبحث عن هبوط آمن!

البيان الوحيد الذي أصدرته الحركة الشعبية (قطاع الشمال) عقب الجولة التفاوضية غير الرسمية التي إنعقدت مؤخراً بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا كان – وحده – كافياً بدرجة كبيرة للتدليل على أن الحركة الشعبية قطاع الشمال تغيرت، أو بدأت تتغير فعلياً حيال عملية التفاوض. فقد أكثر البيان أن المفاوضات غير الرسمية وصلت إلى تفاهمات جيدة بشأن القضايا محل الخلاف والقضايا الإنسانية ووقف إطلاق النار. وكانت ذو دلائل تغير موقف الحركة، التقرير الصوتي الذي أدلى به رئيس وفدها التفاوض ياسر عرمان للقناة الفضائية السودانية عشية إنفضاض الجولة. ملامح عرمان يومها بدت أكثر تعبيراً عن حقائق الواقع بصورة فاقت كل عبارات البيان وعبارات عرمان نفسه الواردة في ذلك التقرير!! ولهذا فإن من الضروري أن يثور التساؤل في ذهن أي مراقب عن الأسباب الحقيقية لهذا التحول المفاجئ، حيث كانت حصيلة الجولات العشر الماضية وهي جولات رسمية هشيماً تذروه الرياح، بينما نالت جولة واحدة حملت صفة غير رسمية ذلكم النجاح المذهل؟! الواقع إن الحركة الشعبية قطاع الشمال لم تعد بذاك البريق وتلك القوة المتوهمة التي كانت تتظاهر بها.
هنالك متغيرات مفصلية طالتها، وأرجعتها إلى أرض الواقع. أولاً : من الثابت أن الحركة الشعبية كانت وإلى عهد قريب تحاول الإستقواء ببعض القوى المسلحة (حركات دارفور) وبعض القوى السياسية فيما غرف – تاريخياً – بما كان يُسمى بالجبهة الثورية ومن المعروف أن الجبهة الثورية انهارت مؤخراً سواء بفعل الضربات الموجعة التي قصمت ظهر حركة العدل والمساواة في(قوزدنقو) أو بفعل الخلاف المفصلي على القيادة الذي وقع مؤخراً بين مالك عقار وجبريل إبراهيم. هذا العامل ألقى بظلال سوداء داكنة على الحركة الشعبية بذلت جهداً كبيراً من أجل تجاوزه ومداراته ولكن لم يكن بوسعها السباحة ضد التيار والأمواج العاتية!! ثانياً : تحاول الحركة الشعبية إيجاد معادلة صعبة ما بين مفاوضاتها في أديس، ومخرجات الحوار الوطني الجارية
حالياً في الخرطوم! الحركة أدركت ولو متأخراً أن القطار من الممكن أن يتجاوزها كيف ذلك؟ إذا جاءت مخرجات الحوار الوطني لصالح الوفاق الوطني العام، فإن ذلك سوف يخلق تحالفات جديدة في الساحة السودانية الداخلية ومن شأن ذلك أن يعقد الموقف التفاوضي للحركة في أديس، فهي حينئذ سوف تكون (وحيدة) في مواجهة الكل وهو موقف بائس وخطير حاولت أن تتحاشاه بشتى السبل! ثالثاً : في السابق كانت الحركة تراهن على إفشال مفاوضات أديس، بحثاً عن تكتيك آخر كأن يصدر قرار من مجلس الأمن الدولي أو يتم التضييق على الحكومة، غير أن هذا الخيار لم تعد له مؤشرات في الأفق فمشروع الحوار الوطني الجاري حالياً أعطى الحكومة السودانية (ميزة خاصة) كونها وبمبادرة خالصة منها تسعى للتحاور مع الجميع، خاصة وأن العديد من الحركات المسلحة والناشطين السياسيين شاركوا وما يزالوا يتوافدون للمشاركة في الحوار! وبالطبع ليست هذه هي كل الأسباب التي دفعت الحركة للبحث عن مخرج آمن قبل أن يبتلعها الطوفان. هنالك دون شك أسباب أخرى (جمهور) دولي ودون محترفين دوليين وثبت للجميع أن الحركة هذه المرة لم تجد أمامها سوى عقلها وواقعها على الأرض، والمعطيات السياسية التي لا مجال لإنكارها!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق