الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

الاتحادي الأصل والديمقراطية المستحدثة!!

بالطبع لا أحد يسره ما ظل يجري منذ سنوات داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الذي يتزعمه السيد محمد عثمان الميرغني وحالة الشد والجذب التي فعلت فيه الكثير.
ولكن بالمقابل، فإن أحداً لا يمكنه أن يتصور أن قيام مجموعة من قادة الحزب بتكوين هيكل جديد للحزب، متجاوزين – عن عمد وسبق إصرار – زعيم الحزب بمثابة عمل سياسي موفق. فكما جرى الوصف لهذه الخطوة المدهشة في العديد من الصحف السودانية باعتبارها انقلاباً، فإن الأمر في جوهره لا يتعدى كونه اغتصاباً لقيادة الحزب! فإذا كانت هذه المجموعة – بحسن نية أو بسوء نية – تسعى لإصلاح الحزب ومعالجة جراحاته ومشاكله، فإن من المؤكد أن هذه الطريقة التي إتخذوها ليست هي الطريقة الصحيحة، بل هي خطوة إضافية لتعميق جراحات الحزب العريق، وتحميله أعباءً خلافية أعمق. وبإمكاننا أن نلحظ في هذا الصدد سوء تقدير المجموعة التي نفذت هذا التغيير من عدة جوانب أولاً : الحزب الاتحادي الأصل هو الآن شريك في الحكومة القائمة الآن في السودان ومن ثم فإن أي محاولة لهدمه وإعادة بنائه لن تتم وهو بهذا الوضع.
ثانياً : تغيير القيادات في الأحزاب السياسية مهما كانت دوافعه ومبرراته لا تتم بهذه الصورة الدراماتيكية. هنالك قواعد قانونية وأسس يتعارف عليها يتم بها التغيير.
ثالثاً : المؤسف في الأمر كله أن المجموعة التي حملت على عاتقها التغيير ظلت تدعي وتزعم أنها تعمل لصالح الممارسة الديمقراطية، وفي الوقت نفسه ها هي تتخذ وسيلة (غير ديمقراطية) لتطبيق الديمقراطية في الحزب.
رابعاً : القيادات التاريخية في الحزب الاتحادي الأصل ارتضت منذ إنشاء الحزب قبل ما يربو على الـ(60) عاماً أن يكون الحزب ذي مسحة طائفية، مرتبط بزعامة طائفية ودينية هي طائفة الختمية. ومن الطبيعي أن حزب بهذه الصفة لا يمكن القول بأنه يمارس الديمقراطية على النحو المطلوب في سائر الأحزاب السياسية العادية.
فإن كانت هذه المجموعة تعرف هذه الحقيقة – وهي دون شك تعرفها – ومع ذلك تريد الخروج على الولاء للطائفة، فهي تستطيع ذلك عبر تكوين (حزب جديد) بمواصفات لا تحمل الصبغة الطائفية، وإن كانت تود المحافظة على إرتباط الحزب بالطائفة – ومع ذلك فعلت فعلتها هذه – فهي ارتكبت خطأً شنيعاً بكل المقاييس! وعلى كل فإن الأمر في مجمله بإمكان المراقبين تفسيره لصالح الممارسة الديمقراطية في السودان، إذ على الرغم من الانتقادات المتتالية من قبل العديد من خصوم الحكومة السودانية بانعدام الحريات والممارسة الديمقراطية، فإن مثل هذه (الانقلابات) الحزبية تبين إلى مدى وصلت الرفاهية السياسية بالأحزاب السودانية لدرجة قيام مجموعات داخلها بالانقلاب على زعاماتها السياسية في وضح النهار؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق