الأحد، 27 ديسمبر 2015

(ما يدعو للتفاؤل)!

نعم، يوجد ما يدعو للتفاؤل، في وقت كان بادياً فيه استحكام اليأس واقتراب دائرة الإحباط من الانغلاق التام! التحول الأساسي والمركزي، عبر عنه تصريح الرئيس عمر البشير، (ما دايرين نسيطر على الحكم برانا). البشير قالها بصورة حاسمة وواثقة، أن العام 2016 هو عام تحقيق السلام (الحكاية وصلت الميس)، لا أحد يعرف على وجه الدقة والتأكيد، ما حدث في اجتماع أديس أبابا المفاجئي، بين إبراهيم محمود وياسر عرمان! كل المؤشرات تؤكد أن أمراً عظيماً قد حدث.
ما كان للحكومة أن تسمح بظهور عرما على شاشة تلفزيون السودان، في نشرة العاشرة مساءاً الرسمية، إذا لم تكن على قناعة بأن هذا الظهور له ما بعده!
التقيت قبل يومين، في مناسبة اجتماعية بمسؤول رفيع بوفد التفاوض سألته عن ما دار في ذلك الاجتماع، فقال لي إن من مصلحة ما يحدث بأديس أن لا يعبر لأجهزة الإعلام الآن. الرجل لم يكتف بذلك ولكنه أضاف جملة – باقتضاب – كانت بالنسبة لي مانعة من التمادي في الاستفسارات، قال : (كل ما أستطيع أن أقوله لك، قريباً ستسمعون أخباراً سعيدة).
ما جعلني أمضي خطوات في طريق التفاؤل، ملاحظة وقفت عليها في تصريحات ياسر عرمان، وفي بيان منسوب إليه.
تكاد هي المرة الأولى التي يطلق فيها عرمان تصريحات خالية من مثيرات الجهاز العصي للحكومة! حينما تستمع لعرمان بصورة مباشرة دون توثيق صحفي، تجده شخصاً مختلفاً، وحريصاً على التواصل مع الجميع بصورة إيجابية، يبحث عن حلول ذكية، يضع من خلالها كل طرف "قدمه في حذاء الآخر"!
البناء على المشتركات، والاتفاق على سبل إدارة الخلاف، وتجنب الضغط على مناطق الوجع، في تلك الجلسات، يقدم عرمان مقترحات ذات طبيعة توافقية، وتجده قابلاً للمساومات وتقديم التنازلات، للالتقاء مع الآخر في منتصف الطريق.
ما إن ينتقل عرمان للتصريحات الإعلامية، وتمتد أمامه آلات التسجيل، وتشتعل الفلاشات أمام عينيه، حتى تتلبسه حالة المقارعة والمبارزة السياسية، على طريقة أركان النقاش،القائمة على الانتصار للذات والانتقاص من قدر المنافسين ووضع المسامير في أحذيتهم! منذ أيام نيفاشا، إلى سنوات الخرطوم، انتهاءً بمقابلات لي معه بأديس أبابا، كنت أركز على نقطة واحدة في النقاش مع عرمان، وهي أن خطابه الإعلامي ذا الطبيعة الاستفزازية، هو الذي يباعد بينه وقطاعات واسعة من الشعب السوداني، ويزيد شقة الكراهية بينه والإسلاميين، الذين مهما فعل لن يستطيع إزاحتهم من المشهد السياسي.
ولأن المشكلات معقدة والحساسيات مفرطة وتعدد الأيادي يفسد الطبخ وتكاثر العيون يذهب البركة ويمحق الخير، كان من الطبيعي أن تكون أول خطوات النجاح اختيار مسار جديد غير تقليدي لأن كل الطرق القديمة كانت ستؤدي لروما الفشل.
تصريحات أخرى منسوبة لمني أركو مناوي، مضت في الذات الاتجاه الداعم لفرص السلام القريب.  والسيد الصادق المهدي في ثمانينيته يمتدح الحوار الوطني – مع التحفظ والتوضيحات – ويقول إن الحكومة الآن تمضي في الاتجاه الصحيح.
صحف الأمس، تحمل تصريحات متفائلة لدكتور حسن الترابي، يتحدث عن اقتراب وقت تغيير الأوضاع في السودان إلى الأفضل.
رائعة تلك المقولة التي وضعها الرئيس الأمريكي السابق جون كنيدي، بحروف من ذهب على حائط التاريخ، قبل أن تسكن رصاصة مجهولة الهوية قلبه العامر بالحسناوات : (إن لم نستطع أن ننهي خلافاتنا الآن، فيمكننا على الأقل المساعدة على أن يكون العالم مكاناً آمناً للاختلاف).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق