الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

منطق وطني جدير بالاحترام!

في حوار صحفي نادر، وربما يمكن اعتباره الأول من نوعه، بهذا القدر من الصراحة والشفافية والاسترسال في التفاصيل مع مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول محمد عطا، أجرته معه صحيفة السوداني مؤخراً استطاع الرجل أن يضع معادلة شديدة التوازن ما بين الدور الوطني الحقيقي لجهاز الأمن، وما بين تلك التصورات الدائرة في مخيلة الكثيرين ممن يتوجسون من الجهاز، أو يسعون – لسبب أو لآخر – لتعليق كل صفة غير محببة على عاتقه.
المعادلة التي حازت إحترامنا وإحترام الكثيرين انشأت جسراً وطنياً ثابتاً، برع الرجل في تصميمه وتقوية دعائمه وإعادة تأهيله ليصبح جسراً (آمناً) بحق وحقيقة. الحوار مطول وذاخر بالكثير كما تابعنا وقرأنا جميعنا على مدار عدة حلقات، وعلى ذلك فإن هنالك دون شك ما إستوقفنا فيه واضطرنا لتناوله في هذه العجالة.
فعلى سبيل المثال، حين سُئل الفريق أول عطا عن الإجراءات التي تُوصف دائماً بأنها تعسفية حيال إيقاف أو اغلاق الصحف اليومية، فإن الرجل وعبر منطق سديد وهادئ، أعاد البضاعة نفسها إلى اتحاد الصحافيين حين ضرب مثلاً بإيقاف المسلسل الإذاعي الشهير (بيت الجالوص) بطلب من اتحاد الصحافيين، لاعتقاد الأخير – حسب تقديره – أن المسلسل يسئ إلى الصحافيين عموماً!. المفارقة هنا – وهي واضحة كالشمس – أن الجسم النقابي للصحفيين نفسه أتى عليه حين من الدهر لم يستطع إحتمال النقد، ولم يتوانى في المسارعة بإيقاف العمل الدرامي المبني أساساً على فرضيات الخيال والفن!. إيراد هذا المثل كان بدون شك كافياً لإعطاء إضافة كافية عن طبيعة الإجراءات التي (يضطر) جهاز الأمن لاتخاذها حيال بعض الصحف، حين يقدر بحساباته وتقديراته أنها تنشر وتتعرض لما يهدد الأمن القومي للبلاد!
وعلينا أن نعترف في هذا الصدد – إتفقنا أو اختلفنا مع جهاز الأمن – أن هنالك بالفعل ممارسات خاطئة وأخطاء يصعب تدارك نتائجها تقع فيها الصحافة عموماً، وكما أورد المدير العام في حواره المشار إليه فإن قيام أكثر من عشرة صحف يومية ينشر موضوعات تتحدث عن حالات اغتصاب تقع لأطفال وتلاميذ مدارس في بصات وحافلات الترحيل!!
نشر خبر كهذا في عدد كبير من الصحف اليومية، أمر مثير للفزع والبلبلة فضلاً عن كونه يفتقر إلى الدليل، ومن شأنه أن يضع الأسر السودانية جميعها في موقف لا تحسد عليه.
الرجل لم يزد على أن جهاز الأمن – تفادياً لهذا الأمر – لجأ إلى مصادرة صحف ذلك اليوم فقط ثم عاودت الصحف صدورها بعد ذلك بصفة معتادة! مجمل ما يمكن أن نستخلصه أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني، يعمل ضمن إطار منظومة وطنية لحماية الأمن القومي للبلاد، وهنالك العديد من الجوانب الإستراتيجية البالغة الحساسية التي لا ينتبه إليها البعض وليس أدل على ذلك من الجهود الجبارة التي بذلها في سبيل الحد من التحاق الشباب السوداني بداعش.
الرجل أعطى تفاصيل وحقائق مذهلة وعزز منها أن الظاهرة تراجعت على نحو ملحوظ. جهاز الأمن والمخابرات لا يقل أبداً في عطائه وتضحياته وأدائه المتجرد عن منظومات الجيش والشرطة. ولكن كثيراً من خصوم الحكومة لا يقدرون ذلك!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق