الأحد، 17 مايو 2015

لعب الدافوري في الشأن الدارفوري

يخوض الخائضون في زلزال دارفور، وهزاته الارتدادية ويرجعونها إلى العوامل الطبيعية، أو إلى الموروثات الثقافية أو المؤامرات الأجنبية، أو إلى العوامل السياسية أو النزاعات العنصرية أو إلى الثأرات أو الاختلافات التاريخية، ويسهبون في كل ذلك منذ دخول العرب إلى السودان، في هجرات متتالية، ومن جهات مختلفة و طرق متعددة ووسائل لكسب العيش متنوعة، تتراوح ما بين الزراعة والرعي والتجارة والحرف الصغيرة مثلها في ذلك مثل المجتمعات البدائية في أي بقعة في الدنيا على مر التاريخ وتعيش في سلام و تتبادل المنافع وتتزاوج و تتصاهر وتتمازج حتى تنشأ السلطة الدينية أو الدنيوية فتبدأ الخلافات التي تتطور إلى صراعات ثم إلى الحروبات التي تخلف المرارات وتعقبها ثأرات فتدور الحلقة الجهنمية المفرغة، التي لا تنتهي إلى الموت بتأثير التعبئة الخاطئة التي تجرهم الى العصبية القبلية أو المذهبية بلا تدبر ولا تبصر. والناظر في (الحرب الأهلية) بين المعاليا والرزيقات وهي حرب أهلية بامتياز، لا ومسمى لها غير ذلك إلا أن تكون مداراة للحقائق و محالات تغطية و الإصبع ما بيغطي الوجه!
لا يرى غير العجز الحكومي البائن والتقصير الإداري الأهلي البائس أما العجز الحكومي فدلالته أن الفعل الحكومة جاء تبعاً للوقائع لا سابقاً لها فضلا عن أن يكون مبادراً وقائد موجه و حاسم، وحازم في مواجهة أي اخلالاات قاطعاً الطريق أمام أي تلفات، قاضياً بالحق أمام أي تجاوزات ولو أدى ذلك إلى الزج في السجون أو الإعدام في المشانق لأن البديل هو هذه الفوضى التي أدت بنا القهقرى الى التاريخ السحيق..
وأما التقصير الإداري فيتبدى في (عجز ناظري) القبيلتين رزيقات و معاليا في فرض إرادتيهما على أبناء القبيلتين بما تفاضوا عليه في الفولة ومروي وإن لم يصلا إلى حل يرتضيه الطرفان، و بهذا فقدت الإدارة الاهلية مبررات وجودها أصلاً، وتنتفي أسباب بقائها وسيادتها على (حواكيرها) التي هي أس البلاد وسبب إراقة الدماء . وكل نقطة او نقطتان في إتفاق كامل رعاه السيد النائب الأول شخصياً وصدرت بشأنه قرارات جمهورية كان المفروض أن تتاح له فرصة زمنية أخرى للمزيد من النقاش وتقليب الافكار وتغليب المصلحة العامة على المطالب القبلية الضيقة، وحقن هذه الدماء المراقة، المهدورة، فاحزن عليها يكاد يقتلنا.

ومهما يكن من أمر فللخائضين قصص وحكايا، تدمي القلب وتفطر الكبد وكلهم يبكي، فمن سرق المصحف! وتبقى المسئولية الأساسية هي مسئولية الدولة في المقام الأول، فقد كان الفارق الزمني كبيراً بينا أول مشكلة بين المعاليا والرزيقات منذ عام 1966 وحتى فجر الأوضاع بينهما في 2002 و التي وقعت بعدها عدة حواث بوتيرة متسارعة ولكن تكون أحداث (ابو كارنكا) هي الأخيرة ما لم تأخذ الحكومة كل الأمر بيدها، وتفرض بالقوة المسلحة ةقوة القانون و الدستور سلطتها على كل الأراضي، فلا سلطة لقبيلة على ارض بالقانون والدستور ولكنها أعراف فرضتها حقبة زمنية بالية لا تصلح للدولة الحديثة ولماذا تعود الإدارة الأهلية التي ألغيت في سائر أنحاء السودان لدارفور وحدها ولا تعاد إلى بقية مناطق السودان؟ ومن هناك يجب بسط سلطان الدولة على كل الأراضي وتنمية المجتمعات في مناطق استخراج البترول بالنسبة المتفق عليها دولياً بدلاً من هذا النزاع المخجل، والوضع المزري الذي يضحك علينا العالم، الذي يشجع الدافوري في الشأن الدارفوري . و لله المشتكى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق