الخميس، 28 مايو 2015

الحكومة القادمة

بحسب الأخبار المتواترة يبدو أن الترتيبات قد اكتملت لإعلان الحكومة الجديدة، فالمؤتمر الوطني أعلن أن مكتبه القيادي صادق على الحكومة في تشكيلتها الجديدة، بل وأنه سيعلن وزراء الوطني قريباً، فمن المقرر أن يتم الإعلان الرسمي عقب أداء المشير عمر البشير الرئيس المنتخب القسم أمام الهيئة التشريعية يوم الثلاثاء القادم الثاني من يونيو.
ومن المتوقع إن تأتي الحكومة القادمة بوجوه وسياسة مغايرة تختلف عن المرحلة السابقة، كون المرحلة المقبلة تشهد الكثير من المتغيرات على الصعيدين الداخلي والخارجي، داخلياً صعدت أحزاب جديدة إلى دائرة المشاركة في الحكومة غير التي كانت مشاركة أصلاً، ذلك لأن هذه الأحزاب قد شاركت في الانتخابات التي جرت في أبريل الماضي، وفازت بدوائر جغرافية وقومية وحصلت على مقاعد بالبرلمان.
بالتالي من حق هذه الأحزاب أن تشارك المؤتمر الوطني؟
الذي فاز بالنصيب الأكبر بتلك الدوائر؟
في الحكومة لذا فمن المتوقع ان يقل نصيب المؤتمر الوطني في الوزارات حتى يفسح المجال للأحزاب الأخرى التي أصبحت مشاركتها في الحكومة من منطلق دستوري وقانوني.
أما المتغير الخارجي فهو ذاك الانفتاح المشهود تجاه السودان من دول كانت تكن لنا العداء المستفحل، وتزيد من إحكام التضييق سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، بيد أن التعامل بحكمة وحنكة تجاه ذلك، والتعاطي بدبلوماسية فطنة قلل من ذاك الخناق والتضييق، فالزيارات التي قام بها الرئيس البشير للملكة العربية السعودية، والإمارات العربية، وجمهورية مصر العربية، كان لها أثرها الواضح في فك الحصار السياسي والاقتصادي والدبلوماسي.
الولايات المتحدة الأمريكية هي الأخرى، بدأت تلين في تعاطيها مع الشأن السوداني، بما قلل من القبضة الحديدية التي كانت تحكمها على عنق السودان، وكان ذوبان ذاك الجليد الذي انتصب بين العلاقة بين الخرطوم وواشنطن، بفضل زيارة البروفيسور إبراهيم غندور مساعد رئيس الجمهورية إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي كان لها ما بعدها، في شأن تحرك العلاقة بين البلدين من مربع الجمود إلى ساحة التعاون.. كذلك فان العلاقات أصبحت متطورة مع كثير من الدول الصديقة والشقيقة، كالصين وتركيا وروسيا وقطر ومصر والإمارات وإثيوبيا وإريتريا، ولم يعد للسودان عداء مع أية دولة وخاصة دول الجوار.
وفي ظل هذه المتغيرات الداخلية والخارجية، ينبغي أن يأتي تشكيل الحكومة القادمة متوافقاً وملائماً مع تلك المتغيرات، حتى يسير السودان بذات الخطي والخطوات نحو الارتقاء والاستقرار، متجنباً الصراعات والنزاعات التي تشغل الحكومة عن الالتفات إلى نهضة البلاد وتنميتها واستغلال موارد السودان لما ينفع الناس في معاشهم ورفاهيتهم.
إذن مطلوب أن تأتي الحكومة القادمة مبرأة من أية نزعة قبلية أو جهوية أو ذاتية وألا تدخل فيها الموازنات، بسبب حمل السلاح أو النزاعات، فالمرحلة القادمة لا تحتمل شيئاً من هذا القبيل، فحملة السلاح الأنسب والأفضل أن يعاملوا بالحسم المغلظ، فكل الطرق استخدمت معهم ولم تجد، بل زادت الأمر تعقيداً، فكلما تمت محاورة حركة مسلحة وانضمت إلى ركب السلام تمردت أخرى ورفعت مطالباتها، بما يشير إلى أن هذه الحركات لا يهمها السلام بقدر ما انها تخدم أغراضها الذاتية..
وتعيين الولاة أيضاً المطلوب فيه البعد عن تلك القبلية والمناطقية، فالأفضل أن يتم اختيار الولاة من غير أبناء الولاية، فهذه التجربة أثبتت فشلها الذريع، اذ المواطن في كثير من الولايات قبض فقط التلميع الذاتي والتمكين الشخصي، وخسر كثيراً جراء ذلك، فلم يجد تنمية أو نهضة في ولايته ما جعل الكثيرين يهجرون ولا يأتهم ويمموا وجه ولاية الخرطوم، علهم يجدون ما فقدوه في ولاياتهم.
ما جعل ولاية الخرطوم هي الأخرى تفشل في توفير أبسط مقومات الحياة، فصارت جل أحيائها تواجه شح المياه وأحياناً انعدامها، وطفح صرفها الصحي وملأ طرقاتها وميادينها، وظلت تنوء بأرتال من النفايات شوهت وجهها (الصبوح)، الذي لم يعد يشبه وجه عواصم البلاد الأخرى.
فالحكومة القادمة من المتوقع أن يراعي فيها كل سلبيات الماضي، وان تبعد عن الإثنيات والجهويات والقبليات والموازنات، متوقع أن تاتي مشبعة لرغبات وتطلعات إنسان السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق