الاثنين، 18 مايو 2015

الآثار العسكرية المدمرة لمعركة قوز دنقو على بقية الحركات الدارفورية المسلحة!

لا شك إن أبلغ أثر سريع وفاعل بدا واضحاً على بقية الحركات الدارفورية المسلحة جراء الهزيمة الموجعة التي حاقت بحركة العدل مؤخراً هو ذلكم الصمت الرهيب الذي جلل الوجوه والملامح وأخرسَ الألسُن وأزاغ الأعين! ومن المعروف في المضمار العسكري وحكايا الحروب إن المخاوف التي تسيطر تماماً على الجند جراء معركة لم يخوضوها بعد ولكنهم رأوا أداء خصمهم في معركة أخرى، أكثر ألماً وقسوة من المعركة التي تنتظرهم!
صمت الحركات المسلحة الذي دخل حتى الآن أسبوعه الثالث هو اكبر دليل على أن هذه الحركات المسلحة بدأت تدرك أن العمل المسلح الذي امتهنته منذ سنوات وبرعت فيه لم يعد لديه ذات ذلكم المذاق، ولم يعد بكل تلك الكلفة الرخيصة، والأنكى من كل ذلك انه أصبح مدمراً لها.
وإذا جاز لنا الآن قراءة الآثار المدمرة التي تركتها معركة (قوز دنقو) على بقية الحركات الدارفورية المسلحة إننا نلاحظ -بوضوح شديد- الآتي: أولاً، شعرت هذه الحركات المسلحة -للتو- بخطورة وكلفة العمل المسلح، وإمكانياته التدميرية العالية، ففي السابق لم يكن الأمر يكلفها شيء، إذ أنها بأقل قدر من السيارات والعتاد والصبية الأيفاع، تستطيع مهاجمة منطقة، ونهب قرية بكاملها والهروب.
كما أن التمويل كان سهلاً سواء من المحيط الإقليمي أو الدولي. الآن أصبح من الجائز جداً ومن خلال كمين واحد فقط الإيقاع بالحركة بكاملها وتجريدها من جنودها وعتادها وسياراتها تماماً كما حدث لحركة جبريل، فالكمين كان محكماً للغاية بحيث تم تجريد القوة من كل شيء في اقل من ساعة!
هذا الواقع أخاف هذه الحركات المسلحة لأنه بات يعني أن من الممكن بل ومن السهل أن تخرج الحركة المعنية -في أي معركة مماثلة- من الملعب تماماً وإلى الأبد.
ثانياً، أحاط الإحباط بقوة بهذه الحركات المسلحة وهي تدرك -ربما للمرة الأولى- أن خصومها في الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حفظوا عن ظهر قلب تكتيكاتها ومساراتها وأسماء قادتها وخبراتهم الميدانية وأنهم –أي هذه الحركات– مهما طوروا من تدريباتهم فإن كمائن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ستظل تلاحقهم، فقد كانت حركة جبريل ترقد على تدريب بمستوى عالي للغاية كما أن تسليحها وعتادها متطور ولكن كل ذلك لم يعصمها من الوقوع في كمائن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؛ إذن أين المفر؟
ثالثاً، شعور هذه الحركات باختراق القوات السودانية لها بات هو في حد ذاته هاجسها الأكثر إيلاماً، فهي فقدت الثقة تماماً في جندها وقادتها الميدانيين، وهذه أسوأ حالة يمكن أن تقع داخل قوات مقاتلة، حين تتكاثف الشكوك والهواجس بين الجند والقادة ويصبح كل شيء وكل شخص عرضة للشك وسوء الظن وهذه وحدها كافية للتدمير الذاتي لهذه الحركات.
رابعاً، فقدان زمام المبادرة؛ إذ لم يعد ممكناً منذ تاريخ معركة قوز دنقو التحرك بحرية من قبل هذه الحركات. الحركة أصبحت مخاطرة كبيرة، كما أن البقاء في مكان واحد أملاً في النجاة هو مخاطر أكبر إذ من المكن -في أية لحظة- أن تتم مباغتة القوة وضربها ضربة قوية.
وهكذا فإن معركة قوز دنقو كمعركة نموذجية لفن التكتيك والكمين لم يقتصر أثرها العسكري المباشر على هزيمة حركة جبريل وتدمير معنويات قادتها تماماً، ولكن إمتد أثرها العسكري ليشمل التأثير المباشر على بقية الحركات الدارفورية المسلحة التي لم تخض بعد معركتها المماثلة الفاصلة وتعيش الآن أسوأ كوابيسها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق