الأحد، 24 مايو 2015

مشروع الصيف الحاسم.. إمكانية الحسم وتطورات الصراع!

توعد الجيش السوداني منتصف الأسبوع الماضي الحركات السودانية المسلحة بالحسم. وقال المتحدث بإسم الجيش العقيد الصوارمي خالد سعد إن أنشطة القوى المسلحة في السودان انحصرت في 3 مناطق فقط هي جبال النوبة ومنطقة الانقسنا بالنيل الأزرق وجبل مرة في إقليم دارفور؛ مؤكداً قدرة الجيش السوداني على حسم وجود الحركات المسلحة في هذه المناطق في الفترة القليلة المقبلة.
العقيد الصوارمي قال أيضاً إن الجيش السوداني شديد الانتباه لإمكانية استغلال حملة السلاح للصراع القبلي الدائر في دارفور بين قبيلتيّ المعاليا والرزيقات, وأنهم قد اتخذوا التدابير اللازمة للحيلولة دون ذلك. والواقع إن المتابع لعمليات الصيف الحاسم التي انطلقت قبل نحو من عام بإمكانه أن يلحظ بوضوح أن هذا المشروع العسكري الكبير حقق طفرة أمنية واسعة النطاق أعادت إلى الأذهان تجربة صيف العبور الباذخة في تسعينات القرن الماضي حين نجح الجيش في ذلك الحين في نزع يد الحركة الشعبية تماماً من السيطرة على أي منطقة داخل السودان، وأفضى مشروع صيف العبور ذاك في واحدة من كبريات تجلياته المهولة إلى قبول الحركة الشعبية للتفاوض. 
المشروع الحالي أنجز حتى الآن منجزات أمنية وسياسية كبرى: أولاً، حصر أنشطة الحركات المسلحة في إقليم دارفور بأسره في منطقة محصورة في جبل مرة. الحركات الدارفورية المسلحة لم تعد لديها القدرة على التحرك داخل أنحاء إقليم دارفور بذات الحرية السابقة. 
التحرك في الوقت الراهن بات عالي الكلفة بعد دخول قوات الدعم السريع –كمعادل موضوعي– في النزاع وليست تجربة حركة جبريل في (قوز دنقو) بولاية جنوب دارفور ببعيدة عن الأذهان. فحركة جبريل فوجئت مفاجأة أذهلتها تماماً جراء دقة الكمين وذكاء التخطيط، ومنع جنودها من القيام بأي جهد أو حتى الهرب. 
أما في جنوب كردفان فإن من المعروف للكافة –وأهل المنطقة يعرفون هذا الحقيقة– أن آخر معاقل قوات قطاع الشمال تعيش منذ أشهر قلقاً بالغاً للغاية وهي ترى فوهات مدافع الجيش السوداني وتعرف أن الخطوة القادمة مصيرية للغاية ! 
ثانياً، مشروع الجيش السوداني أسفر أيضاً عن تخلخل بنية الجبهة الثورية من جذورها، فقد عاد الآلاف -سراً وعلناً- من معسكرات الثورية، كما أن إمكانية حصول الثورية على جنود باتت في حكم المستحيل نظراً لصعوبة التجوال في المناطق وفي أنحاء دارفور كما كانت تفعل في السابق، وهذه النقطة في الواقع هي مصدر قلق قادة الثورية باعتبار أن القوات قد تآكلت ولا سبيل لإعادة بنائها من جديد! 
ثالثاً، طول أمد النزاع والآثار المدمرة للحرب -نفسياً واجتماعياً- خاصة في مناطق دارفور وجنوب كردفان دفعت الكثيرين لمعاونة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من اجل ملاحقة حملة السلاح وربما لهذا السبب الذي تحاول قيادة الثورية إخفاؤه باتت الجبهة الثورية تخشى من دخول أي مفاوضات وبات قطاع الشمال يعيش حالياً (فوبيا المفاوضات) لأن طاولة المفاوضات لن تتيح له تحقيق مكاسب سياسية في ظل تراجع حظوظه العسكرية على الأرض على نحو مريع! والأكثر دلالة على ذلك أيضاً فتور حماس واشنطن وحلفائها المساندين لقطاع الشمال حيال أي مفاوضات منتظرة رغم وجود قرار مجلس الأمن الخاص بهذه المفاوضات. 
وهكذا، يمكن القول إن هناك في الواقع متغيرات واضحة ومؤثرة على الصعيد العسكري على الأرض تعضد تصريحات المتحدث باسم الجيش بإمكانية حسم الصراع -على المدى القريب جداً- وغلّ يد القوى المسلحة من القيام بأي عمل عسكري مؤثر، ولاشك أن كل هذه المتغيرات والتطورات واضحة للغاية في الوقت الراهن لدى قادة هذه الحركات المسلحة الذين فيما يبدو يراهنون على المعجزات!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق