الأحد، 24 مايو 2015

البشير رئيساً.. دلالات وأبعاد بالغة الأهمية!

بفصل محكمة الطعون الانتخابية -الأحد 17/5/2015م- في الطعون المقدمة ضد نتيجة الانتخابات العامة التي سبق وأن أعلنتها المفوضية العامة للانتخابات في 27 ابريل 2015 وتأييد المحكمة لقرارات المفوضية، فإن الرئيس عمر حسن البشير بات رسمياً هو الرئيس السوداني المنتخب الفائز رسمياً بمنصب الرئاسة لدورة رئاسية جديدة مدتها 5 سنوات اعتباراً من تاريخ تنصيبه وأدائه القسم في الثاني من يونيو المقبل. 
وعلى ذلك يمكن القول إن الانتخابات العامة التي جرت في السودان منتصف ابريل الماضي أسفرت عن فوز الرئيس  البشير بمنصب الرئاسة ولكن ليس فقط بقرار مفوضية الانتخابات وإنما أيضاً بموجب القرار القضائي النهائي الصادر من محكمة الطعون الانتخابية والتي يرأسها نائب رئيس القضاء السوداني، القاضي محجوب الأمين الفكي، وفي الواقع فإن هذا الوضع يمكن أن نقرأ في ثناياه عدد من النقاط الاستراتجيين المهمة:
أولاً، إن السودان أبدى حرصاً بالغاً على معالجة قضية التداول السلمي للسلطة فيه عبر آلية الانتخابات العامة، منعاً لأي صراعات، أو ترك فراغ دستوري أو إخلال بالأمن، وآلية الانتخابات بهذه المثابة مضت بموضوعية وحيدة وشفافية واضحة إذ أن أحداً لم يستطع أن يحدد مطعناً بعينه على هذه العملية.
حتى القوى السياسية المعارضة الشديدة الغلو في معارضتها لم تستطع -حتى الآن- إيراد أي مطعن من أي نوع على مجمل العملية! ربما انصب غالب النقد السياسي على العملية من ناحية كونها لم تؤجل لمنح الحوار الوطني الفرصة الكافية، ولكن العملية في مضمونها بدت أبعد من أي منقصة قانونية أو سياسية، ومن ثم فإن نتيجتها أو فلنقل نتائجها المترتبة على ذلك تظل (تاجاً ذهبياً) على رأس بلد كالسودان، كان الكل في الخارج يعتقد انه يقترب من العاصفة والانزلاق في مواجهات أهلية مسلحة! الآن السودان لديه رئيس منتخب انتخاب لا مطعن عليه. 
ثانياً، فوز الرئيس بثقة أكثر من 6 مليون سوداني ووصوله إلى منصب الرئاسة رغم مزاعم وادعاءات محكمة الجنايات الدولية فيه دلالة واضحة على أن الرئيس البشير ليس كما تصوره أعداؤه في الخارج، وأن إمكانية اللعب بورقة محكمة الجنايات هذه لم تعد متاحة، إذ أن الشيء الطبيعي لو أن الرئيس البشير متهم جنائياً بإرتكاب جرائم ضد شعبه، ألاَّ يحظى قط بهذه الثقة وبهذا القدر من التأييد. 
كان هنالك (العشرات) من المرشحين الرئاسيين الذين نافسوه، وحتى ولو قلنا إن بعضهم ليس مؤهلاً أو معروفاً، فقد كان من الممكن –إن لم يكن البشير خيار السودانيين الأول– أن يتجه الناخبون لإسقاط البشير أو إنجاح أي مرشح آخر!
إن هذه النقطة بالتحديد تستلزم -أخلاقياً وسياسياً وقانونياً- أن تعيد الجهات التي تلعب بورقة الجنائية النظر في موقفها. البشير ليس ذلكم الرئيس المكروه من شعبه ولا هو الرئيس الذي يتم العبث به على هذا النحو! 
ثالثاً، حتى ولو كانت نتيجة الانتخابات المعلنة في 27 ابريل منحازة أو غير منحازة فإن إتاحة الفرصة كاملة لكل من لديه طعن ضدها التقدم بطعنه أمام دائرة مختصة بالمحكمة العليا الاتحادية -أعلى هرم في القضاء السوداني- وتكليف نائب رئيس الهيئة القضائية بنظر هذه الطعون كان بمثابة إضفاء بعد قانوني قوى جداً للنتيجة العامة على اعتبار أن الجهاز العدلي في أي بلد هو الجهة المحايدة التي لا مصلحة لها لدى احد. 
ولهذا فإن الذين انتقدوا القضاء السوداني وانتقصوا من دوره ودفعوا بنزاع دارفور إلى محكمة الجنايات الدولية، عليهم -منذ الآن- البدء بإعادة قراءة حقائق الواقع في هذا الصدد. فقد تكفل القضاء السوداني بإقرار النتيجة النهائية وكأنه يؤكد للكافة أنه قائم  بدوره وحريص على الممارسة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة. 
رابعاً، الرئيس البشير بهذا الفوز الملحوظ أثبت انه موضع قبول وإجماع السودانيين دوناً عن بقية القادة السياسيين! وهذه النقطة أيضاً شديدة الأهمية في واقع السودان الحالي، إذ ليس صحيحاً أن النظام السوداني مرفوض شعبياً، فالنظام السوداني الآن بفضل الإجماع على الرئيس البشير، نال ثقة الناخبين السودانيين حتى من خصومه إذ أن الأصوات التي حصل عليها البشير فيها من قاطعوا العملية ولكنهم استثنوا البشير! 
من المؤكد إن السودان مقبل على مرحلة جديدة مختلفة في تاريخه، وهي مرحلة يعكف الرئيس المنتخب حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على ملامحها العامة، ولا شك أنها مرحلة مهمة جداً وربما غير مسبوقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق