الثلاثاء، 19 مايو 2015

ما الذي بدأ يحدث داخل الثورية بعد معركة قوز دنقو؟

من المؤكد أن الجبهة الثورية في هذه الأثناء تعيش واقعاً سياسياً وعسكرياً مرتكباً، ففي أعقاب الهزيمة العسكرية الكبيرة التي منيت بها حركة جبريل إبراهيم في منطقة قوز دنقو في ولاية جنوب دارفور أواخر ابريل المنصرم فإن حسابات الثورية بكاملها وخططها العسكرية الراهنة والمستقبلية باتت موضعاً للإرتباك.
من جهة أولى فإن الجبهة الثورية ظلت ومنذ إنشائها تراهن على جرأة وقوة حركة العدل والمساواة واضعة في الاعتبار الأنشطة العسكرية الصعبة التي جربتها الحركة وبلغت ذروتها بمهاجمة العاصمة السودانية الخرطوم عشية العاشر من مايو 2008، ولهذا ومع أن قادة الحركة يختلفون أيدلوجياً مع بقية مكونات الثورية إلا أن هذا لم يمنع الثورية -لأغراض تكتيكية- قبول انضمامهم للثورية ومن ثم استخدامهم إلى أقصى حد في أنشطة خطيرة لا تخلو من المغامرة وهو تماماً ما حدث مؤخراً وساق الحركة إلى حتفها في منطقة قوز دنقو الأمر الذي يعني أن الثورية فقدت وإلى الأبد أهم فصيل مغامر لديها بما يفضي في المرحلة المقبلة لتراجع التحركات العسكرية للثورية.
ومن جهة ثانية فإن هزيمة العدل والمساواة رغم تلقيها لمستوى عالي من التدريب بواسطة خبراء أجانب وفقدان الحركة -في دقائق- لعدد 200 سيارة عسكرية لم تستخدم في المعركة بعد، يقلل بصورة واضحة للغاية من وزن الجبهة الثورية لدى مموليها الإقليميين والدوليين، ويجعل الثورية عرضة للشك في قدراتها العسكرية وفنونها القتالية من جهة، ومن احتمال تعرضها للإختراق من قبل خصومها، وفي الحالتين فإن من الصعب أن يثق هؤلاء الممولين -من جديد- في مكونات الجبهة الثورية.
ومن جهة ثالثة فإن بقية مكونات الثورية (حركة مناوي وحركة عبد الواحد، وقطاع الشمال) باتت في وضع مزري للغاية عقب هذه الهزيمة الداوية فإذا كانت حركة العدل بكل خبرتها وحنكتها وتجاربها الواسعة النطاق والتدريب العالي المستوى الذي تلقته، وقعت لقمة سائغة في يد القوات السودانية ولحقت بها هذه الهزيمة الماحقة، فماذا ستفعل لهذه المكونات الأخرى الأقل جرأة واقل خبرة واقل تدريب؟ هذا السؤال لفرط خطورته لم يعد قادة الثورية يرددونه بداخلهم، فالواقع الماثل أمامه أبلغ من أي إجابة.
ومن جهة رابعة فإن شعور القوى الحزبية المتحالفة -سراً أو علناً- مع الثورية بأن الثورية بالفعل قابلة للهزيمة والتدمير، بدأ يجعل من هذه القوى تعيد النظر -ولو سراً- في تحالفها مع الجبهة الثورية، فما الفائدة من التحالف مع قوة عسكرية إذا بدأت تتحطم أعمدتها الرئيسية بهذه السهولة؟ في الغالب الأعم سوف تحدث حركة انهيارات متتالية في جسد الثورية في الأسابيع الأربعة القليلة المقبلة.
من جهة خامسة، وهذه هي النقطة المركزية الخطيرة فإن الحركات الدارفورية سوف تبدأ تدريجياً في الخروج من الثورية إن لم يكن بدافع المحافظة على وجودها ولو مؤقتاً، فعلى الأقل بدافع أنها ومنذ دخولها الثورية تلاحقت عليها الأزمات تباعاً، ما بين ضربات عسكرية موجعة هنا وهناك، وما بين اضطرارها للقتال في دولة الجنوب لصالح الحكومة الجنوبية، وما بين فقدانها لقواعدها بالداخل والأهمّ من كل ذلك شعورها بالتهميش في قيادة الثورية وأنها فقط -مجرد مدفع عسكري- يتم استخدامه لأغراض خاصة بقادة قطاع الشمال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق