الاثنين، 18 مايو 2015

هل غيرت أمريكا سياستها تجاه السودان؟؟

بدأت أمريكا مؤخراً في تغيير نظرتها تجاه السودان، والتقليل من حدتها في تعاطيها مع الشأن السوداني، خاصة وأن الولايات المتحدة عرف عنها مناصبتها العداء لفترات طويلة حاربت من خلالها السودان اقتصادياً بالمقاطعة التي أقعدت الدولة، وعطلت الكثير من مشاريعها، إلا أن الآونة الأخيرة بدأت تشهد تغييراً في المواقف والتوجه نحو الانفراج في العلاقات والانفتاح عبر الحوار، والاتصالات المباشرة بين البلدين، أبرزها زيارة مساعد رئيس الجمهورية بروفيسور "غندور" إلى أمريكا وتباحثه حول بعض الملفات بعد أن قدمت الولايات المتحدة الدعوة لمساعد الرئيس البروف "غندور" لزيارة واشفطن.
الاختراق الذي حدث، ممثلاً في تلك الزيارة، عقب جمود دام لأعوام، فتح نوافذ جديدة للحوار حول كل القضايا .. لكن ثمة تساؤلات تطرح نفسها: لماذا غيرت أمريكا نظرتها تجاه السودان؟ وما الذي تسعي إلي تحقيقه بدبلوماسيتها الناعمة؟
بعض المحللين يرون أن (لعبة المصالح) تمثل البعد الخفي في سياسة أمريكا، ومراوحتها بين المد والحزر. وأن ما يحدث، قد يعبر عن مقايضة ذكية لصالح أمريكا لتحقيق أهداف اقتصادية أبرزها الذهب.
ولعل في تصريحات وزير المعادن الذي رجح قرب دخول واشنطن في مجال التعدين في السودان، ما يدعم هذا الاستنتاج.
جاءت تصريحات الوزير عقب لقاء له مع القائم بالأعمال الأمريكية، وأشار إلى مطامح أمريكا الواضحة وندمها على عدم دخولها مجال النفط السوداني والي رغبتها في عدم تكرار التجربة خاصة في ظل وجود الصين وروسيا في السوق السوداني.
ودعم ذلك بتسلم السودان خطاباً من البنك الفرنسي يعلن فيه إغلاق حساب شركة (أرياب) بنهاية شهر مايو الجاري، عقب أيلولة ملكيتها للسودان بمعني شراء نصيب الشريك المصري بقيمة (100) مليون دولار بجانب تلقيه خطاباً يمكن اعتباره نوعاً من الضغوط من مصفاة الذهب الكندية بإعلان امتناعها عن تصفية إنتاج الشركة.
وتشير المتابعات إلى أن الذهب الذي يشتريه البنك المركزي لا تتم تصفيته في مصفاة الذهب السودانية وإنما يتم تصديره خاماً، وهذا ما يفقد السودان القيمة المضافة للتصفية، وأكد الوزير أن إنتاج الذهب في الربع الأول من هذا العام بلغ (43) طناً  و(349) كيلوجراماً مقارنة ب(22) طناً و (484) كيلوجراماً بذات الفترة في العام الماضي،  وتوقع أن تصل الإنتاجية إلى (90) طناً بنهاية العام .. هذه المؤشرات قد تدعم التغييرات التي بدأت تظهر جلية في سياسة أمريكا تجاه السودان، خاصة وأن معظم الثروة غير مستثمرة بشكل فعال مثل الذهب.
ويري الخبير الاقتصادي البرلماني د. بابكر التوم في حديثه لـ(المجهر) أن الاستحواذ على الموارد والثروات من الأهداف المتأصلة لأمريكا.
وكان السودان من الدول العربية عموماً والأفريقية خصوصاً التي لفتت أنظار الغرب بما فيه أمريكا للسيطرة على خيراتها ومواردها.
وكانت الطامة بالنسبة لها عندما فقدت بترول السودان عقب خروج (سيفرون) التي تلمست آثار ونتائج فقدها لمصدر مهم للطاقة معها، ما حدا بها إلى استشعار أهمية الإنتاجية الكبيرة التي بدأ السودان يحققها في مجال التنقيب عن الذهب وفرص الاستثمار في هذا المجال.
وأكد التوم أن اللوبي الأمريكي صاحب الكلمة المسموعة واليد العليا، له القدرة على التأثير في الحكومة وتحريكها في حالة إعلاء مصالحه، وهذا ما حدث عندما استثنت أمريكا الصمغ العربي، وعد ذلك أمراً طبيعياً لدولة تلعب لمصالحها العليا، وقال إن أمريكا تستثني في العقوبات حسب ما تقتضيه هذه المصلحة.
ويري أن دخول العديد من الشركات الأجنبية للاستثمار في مجال الذهب بالسودان، جذب أنظار الشركات الأجنبية للاستثمار في مجال الذهب يمثل الآن أكثر من (40%) من الصادرات وقد تصل نسبته إلى (60%) وأمريكا بالتأكيد تعلم بحجم هذه الإمكانيات.
واستبعد المحلل السياسي د. الطيب زين العابدين في حديثه لـ(المجهر) حدوث أي تغيير في سياسة أمريكيا تجاه السودان ما لم تستجب الحكومة السودانية لشروطها.
وقال إن أمريكا تمتلك أكبر احتياطي ذهب في العالم فكيف يمكن إن تخاطر الشركات المنتجة للذهب بتجاهل المقاطعة والاتجاه للاستثمار في دولة لم تتعد – بعد – مرحلة التعامل بالكسر في أنتاجها للذهب حتى يتسنى لها توفير العملة الأجنبية؟؟
وأضاف إن أمريكا ما زالت تفرض حصاراً اقتصادياً على السودان، وإن ظل الحصار جزئياً على الصمغ العربي والحاسوب والمعلومات .

وهو إجراء تم من قبل السلطة التنفيذية، فيما صدر قرار المقاطعة من الكونغرس الأمريكي، الذي يعد أكثر شراسة في عدائه للسودان، حتى أن بنك فرسا قد واجه عقوبات رادعة عقب تعامله مع المصارف السودانية.
فكيف سيحدث التغيير وأمريكا ما زالت تجاهر بالعداء؟
وأكد أنه حتى القائم بالأعمال الأمريكي لن يستطيع أن يتنبأ بمآلات العلاقة بين البلدين، ويري أن حكومة السودان لا تعطي العلاقات الخارجية حجمها الطبيعي. وأضاف: (حتى الآن الحكومة لم تصرح علنا بالشروط التي وضعتها أمريكا لتطبيع علاقاتها بالسودان، بينما الظروف داخل أمريكا نفسها الآن تشهد تغييرات عاصفة قد تفصح في مقبل الأيام عن واقع مغاير، مع وجود حكومة منتخبة).
وقد قطع الخبير الاقتصادي ووزير لمالية الأسبق دكتور التجاني الطيب، بأنه إذا كانت هنالك أية نوايا لأمريكا للاستثمار في السودان، فيجب أن يسبقها قرار جريء برفع الحظر اقتصادياً عن السودان وإلا فكيف يمكنها الدخول في استثمار مع دولة محاصرة منذ سنوات؟؟
وحتى إذا ما قفزت بعض الشركات الأمريكية فوق حاجز العقوبات واستثمرت في السودان فإنها ستواجه تحدي تصدير إنتاجها والتعامل المصرفي، وستصطدم بعقبات كثيرة.
ويلفت التجاني إلى أن إنتاج الذهب بالسودان حوالي (50 – 70) طناً بحصيلة قد لا تتعدد (1.5) مليار وهذا الرقم حسب اعتقاده غير جاذب أو مشجع لدولة تتحدث بمليارات الدولارات لاستثماراتها .. فكيف تكسر الحصار لهذه العائدات .. ويري أن السودان يعتمد على التعديد المحلي وينتج أكثر من (16) طناً وحوالي (90%) من إنتاج البلاد، وينتشر المعدنون في أكثر من (81) موقعاً بالولايات فيما لا تتعدي إنتاجية الشركات أقل من التعديدن التقليدي.
وهذا ما أكده وزير المعادن الكاروري في تصريحه بأن الذهب الذي يشتريه بنك السودان لا تتم تصفيته في مصفاة الذهب ويتم تصديره خاماً.. وقال :(ليس لدينا وقت .. نحن شغالين رزق اليوم باليوم، ونحتاج لتصديره حتى نوفر العملات العصبة)، وأقر بأن تصدير الذهب خاماً يفقد الدولة قيمة القيمة المضافة بعد تصفيته.
الجدير بالذكر أنه وحسب وزارة المعادن فإن السودان يحتل الآن المرتبة (12) على مستوى العالم والثالث على مستوى أفريقيا وقد يحتل المرتبة الأولي قريباً على مستوى أفريقيا في إنتاج الذهب.
وأكد وزير المعادن في تصريح سابق أن إنتاج الشركات خلال العام 2014م بلغ (9) أطنان و (720) كيلوجراماً، فيما بلغ إنتاج التعدين التقليدي (63) طناً و (655) كيلوجراماً، مشيراً إلى أن إجمالي الاحتياطات المؤكدة للشركات المنتجة والمقبلة على الإنتاج لعدد (19) شركة من جملة (142) شركة، تقدر بحوالي (1.097.75) طناً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق