الأربعاء، 20 مايو 2015

جبريل إبراهيم والمسار الثالث!

في سياق تبريره للهزيمة الكبرى التي مُنيت بها قواته في منطقة قوز دنقو بولاية جنوب دارفور أواخر أبريل الماضي قال زعيم حركة العدل والمساواة جبريل (إن تدخلات الجيش الشعبي ساهمت في اتخاذنا للمسار الثالث، ولم نتمكن من اتخاذ المسارين الأول والثاني اللذان كان خيارين مفتوحين قبل التحرك).
بهذه العبارات التي تنطق بالحسرة والأسى لخص جبريل –بوعي أو بغير وعي منه– حقيقة أزمة الحركات المسلحة التي تعتمد على تمويل خارجي وتدريب أجنبي وتعليمات خارجية! ذلك أن الحروب في مجمل مفاهيمها هي صراع إرادات، وهي دون شك وجه من وجوده التصريف السياسي للصراعات، بغرض كسر إرادة الطر ف الآخر أو إضعافها إلى الحد الذي يتيح لهذا الطرف أن يملي إرادته وشروطه.
وعلى ذلك فإن دخول (عامل أجنبي) في أي صراع كهذا ومهما كانت درجته ووزنه يخل أول ما يخل بطبيعية الصراع ويقضي تماماً على إرادة الطرف الذي تدخل داعماً له. ولهذا كان من الطبيعي أن تلحق الهزيمة (مسبقاً) بقوات جبريل لأنه في تلك اللحظة التي كان قد جرى إعداده للتحرك كان فاقداً لأهم عنصر وهو الوازع الوطني.
ولا شك أن مستوى الإعداد والعتاد الذي حُمِّل به الرجل وقواته كان غرضه إلحاق أكبر قدر من التدمير في المنطقة المعنية بالهجوم، وهذا دون شك كان عنصر الهزيمة الأول الذي حمله الرجل بين طيات قواته وهو لا يدري. غير أننا مع كل ذلك ندع الوازع الوطني ونتجاهل مدى وطنية هذه الحركات، ومدى ركونها لخيانة بلادها وهي تضع يدها مع أجانب لتدمير بلدها.
دعونا من كل ذلك طالما تجاوزته هذه الحركات منذ سنوات وإرتضت لنفسها أن تعمل كعناصر مرتزقة تعمل في مجال المقاولات الحربية. لنتمعن فرضيات المسارات هذه التي تحجج بها جبريل وجعلها واحدة من أهم أسباب الهزيمة . من الملاحظ أن:
أولاً، إن جبريل بدا غير قادر على تبرير لماذا أجبرتهم قوات الجيش الشعبي إجباراً على أن يسلكوا المسار الثالث القاتل. بينما كان بإمكانهم أن يسلكوا أحد المسارين الأول والثاني؟ هنا بالطبع  تتجلى سلطة رأس المال الحربي وسطوة التعليمات حين يسلم الشخص رقبته تماماً لقوى أجنبية.
من الواضح أن جبريل لم يستطع الاعتراض، ومن الواضح أيضاً أنه وحتى هذه اللحظة لا يستطيع القول إن (مؤامرة ما) ربما دفعت الجيش الشعبي للدفع به عبر المسار الثالث لكي يلقى مصيره المؤلم هذا بسرعة.
ثانياً، اختيار المسار المعين من قبل الجيش الشعبي معناه ببساطة شديدة أن الجيش الشعبي (يدير) إدارة كاملة قوات جبريل وأنها تعمل تحت إمرته بمقابل مادي ولا تملك عصيان أوامره وهذه تعني أن الحركات المسلحة أمام خيارين؛ إما أن ترضخ لتعليمات (المشغل) وتلقى مصيرها، أو أن تعمل مستقلة بدون تمويل ودون دعم لوجستي فتلقى أيضاً مصيرها!
ثالثاً، إن إمكانية تفكير الحركات المسلحة في العودة لتعمل دخل أراضي إقليم دارفور باستقلالية كاملة وبمكونات محلية ليست قضية سهل فهي فقدت هذه الميزة وعليها أن تمضي فيها إلى النهاية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق