الخميس، 21 مايو 2015

الحوار الوطني بمعطيات جديدة أم بذات المعطيات القديمة؟

بعض القوى السياسية المعارضة ولفرط انفصالها عن حقائق الواقع ترغب في دخول مضمار الحوار الوطني بمعزل تام عن نتائج الانتخابات العامة التي جرت في ابريل 2015م، بمعنى أنها تريد الدخول في الحوار بذات المعطيات ما قبل ابريل 2015 وأن يتم التوصل لمخرجات بعيدة تماماً عن ما أفرزته العملية الانتخابية!
حزب الأمة القومي بزعامة المهدي على سبيل المثال ما يزال ينادي بآلية إقليمية تحت إشراف دولي، وأن يعقد الحوار في الخارج! حركة الإصلاح الآن التي يتزعمها الدكتور غازي صلاح الدين اعتبرت الحوار في راهنه الحالي بمثابة محاولة من بل الوطني لاكتساب ما وصفها بشرعية موهومة!
د.غازي لم يكتف بذلك ولكن توقع أن ينتهي الحوار بصفقات ثنائية تلحق بعض القوى بالتشكيلة الحكومية الجديدة. الحزب الشيوعي السوداني ما يزال يطالب بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتهيئة المناخ وإطلاق الحريات!
وهكذا، ما يزال ذات الجدل محتدماً، مع أن الحوار الوطني من الناحية الموضوعية ليس المقصود منه طمر كل ما هو موجود لصالح القوى المعارضة. هنالك الآن شرعية دستورية حديثة حصلت عليها بعض القوى السياسية بموجب القانون إذ لا أحد -بما في ذلك غلاة المعارضين- يطعن في شرعية العملية الانتخابية التي جرت في ابريل 2015 لأن المفارقة التاريخية الكبرى التي حدثت أن كل وقائع العملية الانتخابية ظلت موضعاً للإتفاق بين المؤيدين للعملية الانتخابية ورافضيها، لأن الرافضين استشهدوا بذات نسبة الإقبال المعلن عنها رسمياً (46%) لإثبات شح وضعف الإقبال على العملية.
إذن هناك شرعية دستورية جديدة مهما كان نظر ورأي البعض فيها إلا أنها في النهاية تعتبر إرادة للناخب السوداني واجبة الاحترام.
الحوار في ظل هذه المعطيات المستجدة يختلف دون شك عما كان عليه قبل ابريل 2015 وذلك وفق عدة نقاط أساسية مهمة: أولاً، سياسياً وقانونياً ولمصلحة التقدم إلى الأمام فإنه لا جدوى البتة من وراء الطعن في نتيجة الانتخابات فهي حق خالص للذين نالوا ثقة الناخبين السودانيين، وينبغي التعامل معهم -لأغراض الحوار- باعتبارهم جهة مفوضة شعبياً.
ربما يغضب البعض أو يسخط بعض آخر من هذه النقطة المهمة ولكن هذه هي حقائق الواقع مهما بدت مريرة للبعض، فهي إرادة شعبية من الضروري احترامها.
ثانياً، التركيز على قضايا الحوار وكيفية وضع الرؤى والأطر العامة لهذه القضايا بدلاً من إهدار الوقت في عرض المواقف السياسية والبحث عن المصالح الحزبية وتفكيك النظام وإسقاطه وغيرها من الأمور التي لا تعبر عن رشد وحصافة سياسية.
ثالثاً، إن قضية التداول السلمي للسلطة -منذ الآن- باتت محسومة بالآلية الانتخابية المتاحة حالياً، فليتم وضع هذه النقطة جانباً، والانخراط في أمهات القضايا الكلية للبلاد.
إذا لم تكن القوى السياسية متسلحة بهذه الدرجة من التجرد الوطني والموضوعية، فإن ذات المربع القديم بانتظارهم يقضون خمسة أعوام أخرى في ذات المحاججات عديمة النفع حتى يحل أجل استحقاق الانتخابي المقبل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق