الثلاثاء، 26 مايو 2015

(مانجو).. لم ينج منها شيء في السودان!

المقررة الأممية الخاصة بقضايا العنف ضد المرأة رسمت صورة يمكن وصفها بأنها بالغة القتامة لأوضاع حقوق المرأة في السودان. وفي المؤتمر الصحفي المطول الذي عقدته بهذا الصدد -الأحد الماضي- لم تدع (مانجو) قانوناً ولا تشريعاً سودانياً ولا حتى منطقة من مناطق السودان لم يطالها انتقاداها!
وتراوحت ملاحظاتها ما بين مزاعم الانتهاكات الجنسية ضد النساء (بشكل جماعي) بما في ذلك منطقة (تابت) بإقليم دارفور، وما بين قوانين النظام العام التي بحسب وصفها تتم ملاحقة النساء بها، وما بين الختان والزواج المبكر! 
ولو أتيح للمقررة الخاصة المنحدرة من جنوب أفريقيا مواصلة حديثها هذا لوقت أطول لأضافت لملاحظاتها عدم منح الفتيات السودانيات حقهن في إتخاذ "البوي فريند" أسوة بالدول الغربية! 
المؤسف في مثل هذه الزيارات الأممية إنها في الغالب تتم (بخلفية إعلامية) ثم أنها تتوغل في ما يعتبره الزائر (أمراً مستغرباً)! (رشيدة مانجو) زارت السودان فقط لمدة 10 أيام تجولت خلالها على مناطق مختلفة ويبدو أنها ولأسباب تتعلق بخلفية إعلامية ومعرفة مسبقة ركزت على إقليم دارفور، حيث قالت في المؤتمر الصحفي (زرت منطقة تابت مع الأمم المتحدة ومجموعة حكومية ووجدتهم في احتفال جماعي ولكن لم ألتق بواحدة من الضحايا! الكل في حالة إنكار وصمت وقد قدموا لي إلتماساً باللغة العربية وسأعمل على ترجمته للانجليزية لكن أقول نساء تابت يشعرن بالقلق)! 
أنظر كيف حرصت المقررة على زيارة تابت بعد مرور قرابة العام على مزاعم الاغتصاب فيها ثم انظر كيف بدا للمقررة الخاصة أن هناك (ضحايا) ولكنها لم تتلق بهن! من المؤكد أن المقررة الخاصة وصلت إلى (تابت) وهي تتوقع مقابلة ضحايا جرائم الاغتصاب، فهي جاءت (بمعلومات مسبقة) وتركز جل اهتمامها في الحصول على الضحايا. 
المقررة الخاصة أشارت إلى أنها وجدت أهل تابت في احتفال جماعي! كيف لمن تعرضوا لإغتصاب جماعي ممنهج أن يقيموا احتفالاً جماعياً؟ وليت المقررة الخاصة ركزت على تابت وحدها؛ فقد اتهمت المقررة الخاصة كل المجتمع والأسرة السودانية بممارسة العنف ضد المرأة! 
السودانيون جميعهم تركوا كل شئونهم الخاصة والعامة وانخرطوا فقط في ممارسة العنف ضد المرأة! ثم عرجت السيدة (مانجو) إلى الاتجار في النساء والفتيات ويا للهول قالت إن (نسبة الاتجار في النساء والفتيات قد ارتفعت)! وعرّجت أيضاً على معسكرات النازحين وأكدت أنها معدومة الأمن وتتعرض النساء فيها لكافة أشكال العنف إما على أيدي عصابات إجرامية أو على أيدي السلطات! 
ثم تناولت القوانين السودانية ولم يسلم من نقدها قانون النظام العام ولا قوانين الأحوال الشخصية ولا القانون الجنائي. المقررة الأممية قالت إن شرطة النظام العام تجوب الطرقات –فقط لملاحقة النساء! 
في الواقع من يستمع للمقررة الخاصة ومهما كانت درجة خصومته أو حتى كراهيته للسلطة الحاكمة في السودان لا يملك إلا أن يتساءل عن طبيعة مهمة مثل هؤلاء (المقررات) وما هي (المعايير) التي يعتمدونها في قياس الأمور؟ فإذا كانت الأمم المتحدة هي منظمة دولية تعنى (بتوحيد) القوانين الوطنية للدول لتصبح متماثلة وواحدة فقد كان من المناسب تسمية المقررة هذه بمسمى آخر، وإذا كانت الأمم المتحدة تأخذ معلوماتها من مصادر (أخرى) غير الحكومة المعتمدة لديها، فلا حاجة إذن لزيارة مثل هؤلاء المقررين!
وإذا كانت كل قضية السودان أنه يمارس العنف ضد المرأة بكل هذا القدر المريع، فلماذا إذن ما تزال نسبة النساء في السودان أكبر من نسبة الرجال وكيف تفسر المنظمة الدولية هذا الأمر؟ بل إن التساؤل يلح أكثر عما إذا كانت نسبة النساء القياديات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والقضائية بكل ضخامتها هذه لا تعني شيئاً للحد من وتيرة العنف ضد المرأة! 
هل يعقل أن بلداً مثل السودان وصلت فيه المرأة لنائبة رئيس البرلمان وتم تمثيلها بنسبة مقدرة في البرلمان وتقلدت الوزارة، ووصلت إلى رتبة اللواء في الشرطة والجيش ووصلت لدرجة قاضي المحكمة العليا والمحكمة الدستورية؛ هل يعقل بعد كل هذا أن تتعرض المرأة لعنف منهجي داخل الأسرة والمجتمع السوداني لدرجة أن هذا الأمر أصبح ظاهرة لفتت نظر السيدة مانجو؟ 
إن مما لا شك فيه أن ما قالته المقررة الخاصة ليس حديثاً واقعياً وموضوعياً جديراً بالاحترام. هو محض ادعاءات ومزاعم تعكس مدى الاستهانة التي يمارسها بعض موظفي الأمم المتحدة بشعوب العالم ظناً منهم أنهم في مهمة مقدسة وأنهم يرفرفون بأجنحة الملائكة في أودية الشياطين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق