الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

لا سلام بدون حوار

كل معالجة الأزمات السياسية بين الدول بالحروب والاقتتال أثبتت فشلها مهما كانت قوة إحدى الدولتين المتنازعتين والأمثلة على ذلك كثيرة في العراق وسوريا وليبيا وأيضاً كوريا الشمالية.
فالولايات المتحدة الأمريكية فشلت بجلالة قدرها وقوتها العسكرية الضاربة في أن تحسم معاركها في العراق بل منيت بهزائم وخسائر في الأرواح ما زالت جراح أهل الضحايا تنزف دماً حسرة على الأبناء الذين راحوا ضحية قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس (جورج دبيلو بوش) منفرداً دون الانصياع لصوت العقل ومعالجة الأزمة مع (صدام حسين) بالتفاوض والحلول السلمية وكذا ليبيا حينما واجه (القذافي) نيران قوات حلف الأطلسي في حين أن الحلول السلمية كانت متاحة فقد ذهب القذافي لتشتعل الحرب الأهلية بين أهل البلد الواحد.
وقتل (صدام) لتشهد العراق من بعده دماراً وقتالاً داخلياً لا يعرف مدي نهايته إلا الله وكل ذلك لغياب الحكمة في معالجة الخلافات بين الدول بالتفاوض والحوار الذي يفضي إلى سلام وقد نتج عن تلك الصراعات والتدخلات العسكرية الخارجية في تلك الدول دون البحث في إمكانية حل الأزمات بالحوار والتفاوض والضغوط السياسية والاقتصادية وأيضاً نجد أن الحروب الأهلية والحركات المسلحة التي تحارب في داخل دولها بدعم وسند خارجي لا نهاية لها إلا بالتفاوض والحوار وخير شاهد على ذلك التمرد في جنوب السودان الذي اندلعت شرارته الأولي في أغسطس عام 1954م ولم تنطفئ إلا بعد ستين عاماً عبر الحوار والتفاوض في (نيفاشا) عام 2005م وكلما طال أمد تلك الحروب الأهلية أو التدخلات العسكرية الخارجية في شأن الدول الصغيرة تزداد الخسائر وقد تنشأ بسبب ذلك إشكالات جديدة يصعب حلها ومعالجتها كقيام تلك التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي أصبحت تستهدف مصالح الدول الكبرى في كثير من العالم وعلى الصعيد المحلي في السودان نجد أن هناك آمالاً كثيرة في إحلال السلام بعد وقف الحروب الأهلية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق عبر الحوار والتفاوض الذي أصبح منهجاً وحيداً تتبناه كل الدول بعد تجارب العراق وأفغانستان وسوريا وليبيا وتجربة السودان مع التمرد في الجنوب.
فالحركات الدارفورية وقطاع الشمال لا يملكون خيارات مقبولة غير التفاوض خاصة أنهم جزء من كل بعد أن أصبحت الدعوة للحوار الوطني وإصلاح الدولة السودانية حق مشاع لا يستثني أحداً ومهما طالت تلك الحروب الأهلية الطرفية لابد من الحوار والتفاوض وصولاً إلى سلام وكلما طال أمد الحرب ازدادت الخسائر هنا وهناك.
فالحركات وحدها ليست بديلاً لحكم السودان كما أن حزب المؤتمر الوطني صاحب الدعوة للحوار الوطني الشامل يكون قد أعلن بذلك عدم أحقيته بحكم البلاد منفرداً إلا عبر صناديق الاقتراع بعد معالجة كافة أشكال القصور في الدولة السودانية وإيجاد الحلول الجماعية لكافة الإشكالات العالقة والاتفاق مع كل القوى السياسية بما في ذلك الحركات المسلحة في الكيفية التي يمكن أن يحكم بها السودان بعد وقف الحرب وإحلال السلام والتراضي حول الدستور الدائم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق