الخميس، 26 نوفمبر 2015

اسم "السودان" جدير بإدراجه في الحوار

بعد أن تمسك الجنوبيون بالانفصال كانت المفاجأة أن يختاروا لدولتهم أسم جنوب السودان، وليس السودان الجنوبي كما جرى العرف في العالم (كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، مثلاً)، هنا بدا لي الأمر وكأن وراء ذلك ما وراءه.. وقد كتبت عقب الانفصال مقالاً في هذا الشأن وقلت إن تغيير الاسم يؤمن مستقبل الأجيال ويخلصها مما عانته الأجيال السابقة .. وبمناسبة مؤتمر الحوار الذي يفترض أن يرسم خريطة المستقبل نعيد ما كتبناه آنذاك.
فكرة تغير أسم السودان ليست جديدة. ولكن الجديد أنها أصبحت ترتبط بمستقبل البلاد خاصة بعد اختيار الجنوب لذات الاسم! فتجربة بلادنا مع الجنوب (منذ الاستقلال وحتى الآن) تحتم علينا النظر للمستقبل بعيون مفتوحة حتى لا نستبين النصح إلا ضحي الغد!
نعتقد أن من أخطر الأمور المتشابكة مع الدولة الجديدة في الجنوب هو (الاسم)، فأمر البترول والحدود وأبيي وغيرها من السهل الوصول لحلول لها عاجلاً كان أم أجلاً .. أما التشابك في الاسم – الذي تكمن وراء اختياره علامات استفهام كثيرة – فسيظل مشكلة دائمة.
تمسك الجنوب باسم السودان لدولته الوليدة لا يعبر إلا عن المخططات الأجنبية التي تعمل ضدنا بحسابات تأتي نتائجها على المديين القريب والبعيد .. معلوم أن هذا الاسم لم يكن وارداً في حسابات القائمين على أمر الجنوب.
بل على العكس فكل ما يبدر منهم يعبر عن حرصهم على قطع العلاقات اسمياً وفعلياً مع الشمال .. أدلة ذلك كثيرة نختصرها هنا في قول باقان أموم أن ولاءه لكوبا أكبر من ولائه للسودان.
أقترح الجنوبيون أسماء عديدة لدولتهم منها النيل ومنها الأماتونج، وكانوا يفكرون في غيرها من الأسماء، وفجأة أتفقوا على اسم جنوب السودان بلاد تردد مما يدل على أن وراء ذلك ما وراءه.
وأنه من كيد (خبرائهم) وليس من صميم أفكارهم!
وإذا كان العض اعتبر أن اختيار اسم السودان للدولة الجديدة يحمل تفاؤلاً لعودة الوحدة من جديد فإننا نرى عكس ذلك تماماً.
فهو سيجعل الشمال مكبلاً في ذات الفلك الذي ظل يدور فيه منذ الاستقلال.
علاوة على ما فيه من مؤامرة خطيرة تنسج خيوطها على نار هادئة على أيدي قوى عالمية خبيثة.
نقول: إذا أردنا استشراف المستقبل من واقع تجربة الماضي فعلينا الإسراع بفك هذه "الشربكة" وقطع الطريق أمام المؤامرة باختيار اسم جديد لبلادنا، ونترك لهم اسم السودان.
قد يستهجن البعض هذه الفكرة، ويسارع برفضها لأسباب تاريخية ووجدانية..
ولكننا لا نشك بأنها أصبحت جديرة بالتناول.
فلها دواع كثيرة وفوائد عظيمة:
* إن قيام دولتين بنفس الاسم سيغذي الحالات الانفعالية (التي تنقلب غالباً لعدائية) والتي أصبحت سمة لعلاقة الجزأين.
ولن تحل هذه المشكلة إلا بقيام فواصل تامة تجعل كل جزء ينكفئ على نفسه.
* اختيار اسم جديد كفيل بقفل الباب أمام المؤامرات التي تتم بين الحركة الشعبية ودوائر خارجية لإضعاف الشمال.
ومما يؤكد ذلك قول باقان أموم – بعد اختيار اسم السودان لدولتهم: "الحركة الشعبية ستعمل في الدولتين على تنفيذ برنامج مؤسس على رؤية السودان الجديد" ذلك على الرغم من إعلانه عدم الولاء للسودان كما ذكرنا أنفا.
* اختيار الاسم الجديد لا يأتي بالطبع إلا بعد استفتاء شعبي وعليه ستكون هناك فرصة كبرى لتعزيز مفهوم الأمة الواحدة والدولة المنسجمة، وهو الأمر الذي ظل مفقوداً مع بقاء الجنوب جزءاً من الدولة.
* اختيار اسم جديد يساعد في خلق واقع جديد وبث مفاهيم جديدة ويرفع من الهمم لتجاوز كثير من السلبيات الموروثة.
وعلاوة على هذه الفوائد أو ما نراه نحن (ضرورات) لتأمين مستقبل بلادنا.
فإن اسم "السودان" يشجع على إعادة النظر فيه .. فهو اسم عام أطلق على منطقة كبيرة في إفريقيا ولم يكن يخص دولة بعينها.
أعتقد أن قضية تشابك الاسم من القضايا التي تستحق أن ينظر فيها مؤتمر الحوار بعمق وجرأة وحسم خاصة وأن رئيس إحدى اللجان الأستاذ ألحواتي من دعاة فكرة إعادة النظر في اسم السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق