الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

بيان قديم بمداد جديد!

مجموعة ما يسمى بـ(نداء باريس) لم تفعل في بيانها الاخير عقب اجتماعها بالعاصمة الفرنسية باريس أكثر من كونها (اخترعت العجلة)! وهو مثل محلي معروف يضرب في حق من يستخدم جهوداً جديدة للوصول إلى نتائج قديمة.
المجموعة الباريسية التي تكفل الحدث الجلل الذي شهدته فرنسا عشية انفضاض اجتماعها بالتعمية على بيانها ووضعه في أبعد نقطة اهتمام وركن قصيّ مظلم، كانت -من الأساس- خاوية الوفاض من أي شيء.
أولاً، كانت تعاني بشدة من ألم ما جرى داخل قيادة ما يسمى بالجبهة الثورية ولذا كان واضحاً ان المجتمعين حاولوا قدر الامكان تحاشي مسمى الجبهة الثورية، وإبداله بمجموعة (نداء السودان)! المفارقة الواضحة هنا أن البيان البالغ الضعف حمل ذات مكابدات الألم والشعور بالفراغ.
ثانياً، حديث البيان عن خيارين بأن يقبل النظام التفاوض وتلبية رغبة القوى المعارضة، أو اللجوء الى انتفاضة شعبية، حديث مثير للسخرية ولا نقصد هنا الاستهزاء، وإنما نعني السخرية السياسية المحضة، لأن كلا الخيارين ظلا متاحين منذ أكثر من 25 عاماً أمام ذات هذه القوى المعارضة التي لا تنسى وفي الوقت نفسه لا تفعل.
إن مكمن السخرية هنا إنما يتركز بصفة اساسية في ان تحدث خصمك بحديث الانتفاضة ضده من اكثر من 25 عاماً!
هل من الممكن ان نتصور ان يظل (التحضير لانتفاضة) مدى زمني قدره 25 عاماً؟ وحتى بعد انقضاء كل هذه المدة المهولة لا تعرف قوى المعارضة على وجه اليقين ما اذا كانت قادرة على الانتفاضة أم لا ؟
ثالثاً، إن كانت هنالك من حسنة أو ميزة سياسية للبيان الباريسي، إنما تتمثل في الحديث عن (المعارضة السلمية)، ربما كانت هذه هي المرة الأولى الذي تبدي فيه القوى المعارضة هذا القدر الاستثنائي من (النعومة) الزائدة! وهو أمر ينبئ عن الكثير ويفضح عن حقائق واقعية مذهلة تعيشها القوى المعارضة بشقيها السياسي والمسلح.
رابعاً، تغافل البيان -عن قصد واضح- عن الاشارة الى مرجعيات الحوار الوطني الجاري حالياً بقاعة الصداقة بالخرطوم وتشارك فيه قوى سياسية ذات وزن معروف؛ تغافل البيان عن هذا الحوار الجاري يمكن القول إنه -بالمقابل- يؤسس لحالة (نفور) سياسي فيما بينها –كقوى معارضة. فالذين إرتضوا الحوار الوطني بعضهم كان وإلى عهد قريب جزء من تركيبة المعارضة عموماً، وهؤلاء -من جانبهم- يعملون في ذات الإطار ولذات الغايات، فحين تبخس بضاعة هؤلاء وتعتبرها بضاعة مزجاة، فإنك دون شك تخسر!
خامساً، شعور القادة الذين اخرجوا البيان ان الحوار الجاري حالياً في الخرطوم قطع شوطاً مقدراً وأن أمهات القضايا قد قتلت بحثاً، وفضلاً عن أنه أصابهم بقدر واضح من الغيرة السياسية والخوف من سحب البساط من تحت أقدامهم دفعهم إلى محاولة استمالة الحكومة، بالتظاهر بأنهم يميلون إلى الحلول السلمية؛ وكان واضحاً ان هذا التظاهر بالسلمية يقف خلفه السيد الصادق المهدي، الأكثر إدراكاً لفداحة موقفه من جهة، وموقف حلفائه المزري من جهة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق