الاثنين، 30 نوفمبر 2015

السودان ما بين التفاوض والتحاور

المراقب للشأن السوداني عن كثب يتبدي له جلباً ما يرمي له هذا المقال، والمحلل السياسي أكثر إمساكاً بهذه التلابيب عن سواه، فهل أحصينا عدد المفاوضات  التي خضناها منذ الاستقلال؟ وإلي أي مدي حققت  النجاح المأمول الذي انتظره الشارع السوداني الذي شكا لطوب الأرض من الفقر والعوز والحاجة وعدم الاستقرار؟ وهو إلي ذلك في صر يحسد عليه.
فكم من المرات كتبنا عن تحاور وتفاوض أهل السودان إما لإحلال السلام بأرض السودان التي عانت من الحرب من قبل الاستقلال بعام حسب تمرد "الأنانية الأولي" وتمرد 1983 وما بين هذه وتلك العديد من الاتفاقات التي لم تثمر استقراراً إن قدر لها النجاح أو ضده.
قراءة الواقع السياسي السوداني تحتاج لانتباهه خاصة وبحث وسيلة تراضي مختلفة عن ما سبق، ليتفرع من ذلك أن الولاء للحزب والتنظيم "المعين" ومرتكزاته تجاه اتفاقاتنا باعد بيننا والوصول لصيغة يتراضي عليها أهل السودان باختلافاتهم الفكرية والسياسية شئنا أو أبينا، وارتماء بعضنا في أحضان أصحاب المصالح من خارج بلادنا سبب في تمدد وتجدد أزماتنا، ومباعدة بيننا والوصول إلي توافق اختلافاتنا الفكرية ومنطلقاتنا بدلاً من أن تكون داعمة لوحدتنا وتماسكنا كانت سبباً في اختلافنا الذي يدركه من ألقي السمع وهو شهيد، وبما أن الحكومة السودانية تباشر هذه الأيام تفاوضاً مع الحركات المسلحة الدارفورية حول استكمال سلام دارفور ووثيقة الدوحة من جهة، والحركة الشعبية  قطاع الشمال من جهة ثانية والجبهة الثورية التي تتوزع بين المشهدين من ناحية ثالثة، والحوار الوطني الذي ابتدر في العاشر من أكتوبر بالخرطوم وشارك فيه من شارك وقاطع كله يتوزع ما بين الحوار والتفاوض، والمؤتمر التحضيري الذي نادت به القوي المعارضة غير المحاورة وبعض الحركات المسلحة وورقة "ضمانات" راهن عليها البعض بغرض الضغط واكتساب الضغط آلية السياسي.
وأثيوبيا ماثلة في المشهد التحاوري علي اعتبار أنها واسطة عقد ليت حبات عقدها كما نأمل تكون نضيدة، ودعوة البعض لحكومة انتقالية مقابل رفض كتلة المؤتمر الوطني لذلك وتسليم رئيس الجمهورية بمخرجات الحوار، لنقول إن سياسة السودان ركزت علي تفاوضها وتحاورها أكثر من التفاتها للتنمية ومشروعات البناء والأعمار بحسبان القراءة السياسية الدقيقة التي تبني علي مؤشرات تحليلنا لستين عاماً مرت من عمر بلادنا وهي مستقلة، وأن تداخلت عوامل خارج ما نحلل كالحصار المضروب علي السودان منذ عام 1997م ولعبة الجزرة والعصا لتي تلعبها واشنطن مع الخرطوم، ولنجنب القارئ الشرود بين متاهات لا حصر لها في معترك السياسة نعد إن مد الله في الآجال أن نفرد مساحة خاصة للحرب الخفية والواضحة لأمريكا والغرب علي السودان نتيجة انحيازه لمشروعه الإسلامي الذي تبنته الإنقاذ.
لنختم بأن المفاوضات التي وصلت للرقم حول المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق والتي بدأت عام 2011م والتي إن تقدمت عرقلت مسارها مطبات المصالح التي ترتفع أسقفها مع التفاوض، والأسباب في ذلك متفاوتة.. ليخبو الأمل نتيجة تبعات تعنت كل طرف يري ترجيح كفته، لكننا لن ننقل للرأي العام سوي دعوة لتقريب وجهات النظر من أجل هذا الشعب المغلوب علي أمره في ظل ندرة الغاز بالعاصمة هذه الأيام، والغلاء الطاحن والعطالة، وحوجة مشروع الجزيرة لانفراجه لتصله تقنية الزراعة وميكنتها الحديثة ليسد حاجة السودان، ويجلب لخزينة الدولة العملة الصعبة التي يعود ريعها منفعة عامة لأهل السودان، والنهضة في الكباري والطرق المعبدة، وعودة النازحين لقراهم بغرب بلادنا، والنهضة بالصناعة فهلا استبانت هذه المشاهد أمام المفاوضين لنملس انفراجه حقيقة تحاوراً أو تفاوضاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق