الخميس، 19 نوفمبر 2015

مأساة الثورية!

يثور التساؤل بشدة هذه الايام عن مصير ومآلات (ما تبقى) من ما كان يسمى بالجبهة الثورية فالثابت انه وعلى الارض ان الجبهة الثورية اليوم لم تعد كما كانت بالأمس القريب.
من جانب أول، فإن كتلة الحركات الدارفورية المسلحة وجدت نفسها في جانب واحد وأمامها تحدي تاريخي مفصلي إما أن تمنح حق الرئاسة و تمر الازمة؛ وإما أن تصبح (هي) الجبهة الثورية ويذهب قطاع الشمال ليصبح جبهة ثورية أخرى!
ومن جانب ثاني فإن فشل محاولات رأب الصدع سواء التي قادها السيد الصادق المهدي صاحب الفجيعة الاكبر في ما حدث، أو تلك التي قادتها جبهات اخرى من قوى المعارضة السياسية، أو تلك التي حاولت عبرها قوى ممولة دولية، معناه ببساطة شديدة ان الاطراف المتنازعة مجتمعة تفتقر بطبيعتها للقابلية للمرونة وتقديم التنازلات ومعالجة الأزمات،.
ويكشف هذا الموقف ان دخول الثورية إلى مضمار الحوار بهيئتها السابقة (قبل الخلاف الاخير) كان من المؤكد سوف يعرقل عملية الحوار ويرفدها بصعوبات عصية على الحل، فإذا كانت الثورية غير قادرة على معالجة أزماتها الداخلية سواء بديمقراطية أو بغيرها، فمن باب أولى غير قادرة على التفاعل والتعاطي مع قضايا السودان عامة ضمن إطار وفاقي وطني!
ومن جانب ثالث فإن الموقف الماثل يثير التساؤل عن بطبيعة أهداف هذه الجبهة وما اذا كانت بالفعل نواياها سلمية ولها اطروحات وطنية موضوعية، إذ ما الذي يمنع من تداول سلمي للرئاسة بطريقة سلسلة وانسيابية؟ وهل للأمر علاقة بأي ظلال إثنية أو عنصرية؟
اجابة هذا الاسئلة ربما كانت محل نفي وسخرية لدى القادة المتنازعين ولكنها في خاتمة المطاف هي المحك الاخير الكامن داخل النفس بما يعني مؤشراً خطيراً للغاية!
ومن جانب رابع، فإن الخلاف نفسه ما هو إلا تجسيد عملي يؤكد على ان تكوين هذه الجبهة منذ البداية كان منطوياً على (خدعة كبرى)، تم من خلالها تتويج قطاع الشمال رئيساً للثورية، لكي يتولى توجيه دفة الامور وحده، ونيل المكاسب وحده، غير ان المفارقة هنا والتي بدت واضحة يصعب اخفاؤها ان القوى الدارفورية المسلحة -وعلى وجه الخصوص حركة العدل والمساواة- كان يجري استخدامها ميدانياً لتكون هي وقود الحرب وربما يراد الآن من خلال رفض تولي زعيمها جبريل ابراهيم رئاسة الثورية تذكيره بأنه تلقى هزيمة ماحقة في (قوز دنقو) في ابريل الماضي, ان المهزوم ليس له حق الزعامة!
وعلى كل فإن التساؤلات بشأن مصير ومآلات الثورية ستظل قائمة، ليس لأهمية هذا الجسم المسلح الذي تمت صناعته بأيدي قوى اقليمية و دولية لأهداف تكتيكية قصيرة ولكن لان الواقع السياسي السوداني لا يحتمل مثل هذه التكوينات المستندة الى ظلال عنصرية وإثنية، تلعب بغير مسئولية على وتر الهامش وتريد اعادة انتاج أزمة جنوب السودان السابقة. فكما يقال فإن التاريخ يعيد نفسه ولكن اما في شكل ملهاة أو مأساة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق