الاثنين، 23 نوفمبر 2015

أفق

سمحت فعاليات الجولة الحالية لمفاوضات السلام ومع استمرار نهج ورقة لك وورقة منك، وامتداد الساعات إلى ليال بين الجرح والتعديل خاصة في ظل الهواجس وأجواء انعدام الثقة، والتخوف من تسلل مفردة أو معنى يتحول لاحقاً إلى معضلة وتوريطة لا فكاك منها، وهو الحذر الذي تمارسه الحكومة عبر وفدها لأغراض عدم الدخول في حملة لجلد الذات ومواجهة هياج الرأي العام، هذه الأوضاع شكلت بطئاً في مخرجات التنوير الدائم للصحفيين المرابطين بمقر التفاوض، فسنحت لنا الفرص للتحاور والأنس الجانبي مع غير قليل من عضوية وفود المتمردين رغم الحذر البادئ في التعاطي مع القادمين من الخرطوم، وقد اكتشفت أني شخصياً ممقوت وبغيض عندهم بشكل أثار حيرتي!
غالب من حاورتهم اكتشفت ان صورتهم الذهنية عن الأوضاع بالداخل اسفيرية بمعنى كل من يحادثك يعتمد في استشهاداته، حول انتهاك ما أو واقعة على أقوال وأحداث مضروبة، يأخذها الواحد منهم كحقيقة مسلمة من العسير تصحيحها أو حتى إدارة حوار موضوعي بشأنها.
الأمر الآخر تمثل عندي في ظاهرة التأهيل الرفيع وتميز القدرات لدى كوادر التمرد، اختفت إلى حد ما العضوية المستجلية، ظهر شباب صغار يتحدثون مع بعض الأجانب بلغات طلقة ويديرون حواراتهم رغم شططها بقدر من التفهم لما يعتقدون بصحته. وقد لاحظت أن أغلبهم منتسب لدوائر ومراكز بحثية غربية ولهم شبكة علاقات واسعة، من وقاع تجوالهم ونشاطهم خاصة مع الزائرين الأجانب الذين يقصدون مقر مفاوضات المنطقتين ودارفور.
الأمر الجميل الذي لفت نظري كان غلبة وشائح القربى والدم بين السودانيين في المكان، وقد التقيت بأحد قادة التمرد من أهل الحي الذي أقطنه فاستفسرني بشوق عن احوال جيرانه، وترحم بأسى على بعض الذين فارقوا الحياة، وحتى قادة الوفد أمثال "عرمان" و"مناوي" كانا حاضرين في الردهات وإن بدأ "احمد نقد لسان" منعزلاً ولا يقرب أحداً.
مما نرى ففي خارج غرف التفاوض تحس أن ليس للمتمردين مشكلة وأنهم أقرب للانخراط في تسوية، ولكن تتعقد الأمور في لحظات التنزيل الفعلي لتلك الروح على الأوراق، ولذا اعتقد أن مشروع السلام بحاجة إلى إسناد شعبي غير رسمي يدفع نحو الحلول أو يعزز فرص النجاح. على كل حال فكل شئ وارد وفي كل لحظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق