الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

الحركة الشعبية قطاع الشمال لا تمثل مواطني المنطقتين

الحرب يدفع ثمنها المواطن البسيط الذي لا يريد سوى الأمر والاستقرار والعيش الكريم في ظل نظام يستطيع أن يشارك فيه في الحكم من خلال الانتخاب الذي يريد ون أي تأثيرات أو أملاءات من بعض النخب السياسية التي تسعي إلى الاستوزار والسلطة مستغلة بساطة المواطن.
فالتشريد والتقتيل وتدمير البنية التحتية ووقف التنمية بسبب الحرب يدفع أهلنا في المنطقتين الثمن غالياً (بينما تنعم النخب بالراحة والسفر من دولة إلى دولة في العواصم الغربية وفنادقها)، من ناحية آخري نجد أن هنالك كثيراً من الشباب عاطلين عن العمل تتراوح أعمار معظمهم بين العشرين والثلاثين عاماً ولم يتلقوا حظاً وافراً من التعليم، فهؤلاء الشباب أصبحوا لقمة سائغة في أفواه من يريدون تحقيق مكاسب سياسية وشخصية وسرعان ما يتم استغلال هؤلاء الشباب وإعدادهم نفسياً ومعنوياً باسم العنصرية والقبلية البغيضة والتهميش ويزج بهم في الحروبات، وهنالك أطفال أيضاً تم استغلالهم في هذه الحرب، وشهد شاهد من أهلها بذلك، ولذلك أصبحت عملية السلام ووقف الاقتتال ضرورة حتمية.
وفي إطار حديثنا عن المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال لابد أن نلقي الضوء على المفاوضات السابقة وأسباب تباعد وجهات النظر التي غالباً ما تعصف بالمفاوضات وتقدير حجم الفجوة بين طرفي المفاوضات.
فيما يتعلق بالاتفاق الإطاري بين مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني د. نافع علي نافع ووالي ولاية النيل الأزرق آنذاك ورئيس الحركة الشعبية في شمال السودان مالك عقار في منتصف العام 2011م ويعتبر مكملاً لاتفاق وقف العدائيات في جنوب كردفان ويفتتح الطريق للتوصل إلى تدابير أمنية شاملة في المنطقتين، إضافة إلى ترتيبات سياسية على مستوى المنطقتين وعلى المستوى القومي.
فنجد أن الاتفاق الإطاري تناول جانب إعادة الدمج ونزع السلاح والتسريح وان جيش جمهورية السودان جيش قومي واحد، يبدو أن هنا كانت خميرة العكننة ولان الحركة الشعبية شمال ترفض نزع السلاح وإعادة الدمج وتريد أن تكون حركة مسلحة أو حزباً مسلحاً على حد قول مالك عقار، فهذا يعني أن هنالك جيشين في دولة واحدة مما يتعارض مع مبدأ قومية ووحدة جيش السودان، هذا فضلاً عن فك الارتباط بين الحركة الشعبية شمال والحركة الشعبية في دولة الجنوب، فكان هذا من أبرز محاور الخلاف.
أما جولة المفاوضات التي بين الحكومة والحركة الشعبية شمال على خلفية قرار مجلس الأمن رقم (2046) وبرعاية الوسيط الأفريقي لإنهاء النزاع في المنطقتين فأكدت الحكومة حرصها على السالم كما أكد عرمان أن إستراتيجية الحركة ترتكز على ثلاثة مسارات رئيسية وهي ((وقف العدائيات وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية والاتفاق على إطار قومي وأجندة وطنية تحقق المواطنة دون تمييز في إطار عملية دستورية بمشاركة كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني)).
ولكن سرعان ما تباعدت المواقف بين الأجندة وطالبت الحركة ابتدرا المفاوضات بالعمل الإنساني بينما طالبت الحكومة بمناقشة الوضع الأمني.
فإذا نظرنا إلى أسباب تباعد الأجندة والمواقف بين الطرفين نستشعر سعة الفجوة بين طرفي المفاوضات، يبدو إن للحركة الشعبية شمال أهدافاً أخرى وهذه الأهداف غالباً تتعلق بطرف ثالث و هذا الطرف الخفي اعتقد وراء ذلك التوتر والوضع الذي تمر به البلاد كما يبدو أن أجندة التفاوض تؤثر على صياغة أهداف المفاوضات فهناك نوع من المفاوضات يكون الهدف منها إرضاء طرف ثالث خفي غير ظاهر.
إما هذه المرة فابتدرت الحكومة حواراً جاداً من ملامحه وقف العدائيات وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية والاتفاق على إطار قومي وأجندة وطنية تحقق المواطنة دون تمييز في إطار عملية دستورية بمشاركة كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وهذا ما كانت تطالب به الحركة الشعبية شمال، فإذن ليس هناك ما يدعوه إلى استمرار الحرب ومقاطعة الحوار وعدم المشاركة فيه إلا إذا كان هنالك شيء في نفس يعقوب وأجندة لا نعلمها تظهر من خلال تكتيكات تفاوضية وقفز فوق المتفق عليه ومحاولة كسب الوقت.
هذه اللمحة أنفة الذكر عن الوضع في المنطقين الهدف منها هو تحديد من الذي يمثل المنطقتين للخروج من هذه الأزمة المفتعلة بعد أن تباعدت وجهات النظر وكادت أن تطفح الأجندة الخفية على السطح، التي توضح أن من يحسبون أنفسهم ممثلين للمنطقتين لا يسعون إلى سلام واستقرار بل يسعون لكسب الوقت واستمرار الحرب.
الحركة الشعبية شمال لا تمثل مواطني المنطقتين وليست وصية عليهم بل تمثل رأياً آخر من بين آراء مختلفة.
فكل مكونات المجتمع في المنطقتين والإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني وبقية القوى السياسية الأخرى كلها مجتمع يمكن أن تمثل مواطني المنطقتين.
من ناحية أخرى على مستوى ممثلي قطاع الشمال نجد أن ياسر عرمان لا يمثل إلا جزءاً من توجه سياسي معين يعيدنا إلى الصراع القديم بين الإسلاميين والعلمانيين، هذا الصراع الذي اتسمت به السياسة السودانية وحولت الشعب السوداني لميدان لتصفية حساباتها السياسية وتمرير أجندتها.
فهذه المرحلة مرحلة جديدة في تاريخ السودان وتتطلب الخروج من عمق الصراع القديم بين اليسار واليمين والاتفاق حول مصلحة الوطن والمواطن.
فيما يتعلق بجبال النوبة فالحركة الشعبية شمال لا تمثل أهلنا في جبال النوبة بالإضافة إلى وجود معظم قيادات ومثقفي وأكاديمي ومواطني جبال النوبة خارج هذه المنظومة (الحركة الشعبية شمال) بالإضافة إلى وجود الحركة الشعبية قطاع السلام التي هي جزء مؤثر وفاعل في عملية الحوار الوطني، هذا فضلاً عن الإدارات الأهلية والقطاعات النشطة (الشباب، المرأة.الطلاب)
ومنظمات المجتمع المدني وبقية القوى السياسية والتي كلها مجتمعة يمكن أن تمثل مواطني جبال النوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق