الأحد، 12 يوليو 2015

أنقذو الاطفال منظمة استخبارية أمريكية من الدرجة الأولى!

تدور الآن حرب استخبارية بالغة الشراسة بين وكالة المخابرات المركزية الامريكية والمخابرات الباكستانية. والحرب فى ظاهرها وما رشح على السطح ربما تبدو للكثير من المراقبين حرباً عادية تجري على نحو يومي روتيني بين العديد من الدول سواء بسبب المصالح او لأية حسابات وتقديرات اخرى ولكن الخلفية الخطيرة التى تجري على أساسها هذه الحرب الشرسة من الممكن ان تقشعر لها الابدان.
القصة باختصار كما وقفنا عليها -عن طريق المصادفة- ان الحكومة الباكستانية وعلى نحو مفاجئ قررت في العاشر من يونيو الماضي 2015 إغلاق كافة مكاتب المنظمة غير الحكومية الشهيرة (أنقذو الاطفال) بالشمع الاحمر.
نبرة الغضب الباكستاني المتصاعدة كانت من الوضوح بحيث لم تستثن أي مكتب للمنظمة في اسلام أباد وكافة المدن الباكستانية وأمتد الامر حتى لمناطق مجاورة فى افغانستان! وليت الامر وقف هنا فقط ولكن وزارة الداخلية الباكستانية قررت وضع يدها على كافة وثائق المنظمة بما يشير الى ان اسلام اباد -وبكل فورة الغضب هذه- كانت مدفوعة بشعور متعاظم ان هذه المنظمة تعمل في مضمار استخباري خطير وأخضعتها قبل اتخاذها القرار لمراقبة شديدة إمتدت لـ6 أشهر مضت. وصعقت المخابرات الباكستانية حين تبين لها ان ميزانية المنظمة فى باكستان وحدها -دون الـ120 دولة التى تعمل فيها المنظمة- بلغت حوالي 250 مليون دولار!
ثم ما لبثت المخابرات الباكستانية ان اكتشفت ان المنظمة هي التى فتحت الطريق امام وكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه) للوصول -وعلى نحو آمن ومباشر- لمقر اقامة اسامة بن لادن! وذلك عن طريق الطبيب الباكستاني (شكيل أفريدي) الذي نجح في أداء المهمة نجاحاً منقطع النظير قاد الى اغتيال اسامة بن لادن فى مايو 2011 وبالطبع الازمة هنا تبدو متطاولة ليس فقط لتدبير عملية اغتيال بن لادن أو خلافها ولكن ايضاً لأن المنظمة غير الحكومية المعنية بالأطفال على نطاق العالم وتنتشر عبر 120 دولة حول العالم ولها مقرين رئيسيين فى كل من بريطانيا والولايات المتحدة، ما هي في الواقع سوى واجهة استخبارية بالغة الشراسة والخطورة!
وتظل المعضلة هنا ليس فى الحقيقة الصادمة جراء هذا الاكتشاف المذهل والمتأخر جداً، بقدر ما هي فى الحقيقة المؤملة التى استخدمتها وكالة المخابرات الامريكية في تحقيق اهدافها من خلال منظمة غير حكومية تنشط في مجال خاص بالأطفال ويصعب تطرق الشك الى انشطتها.
غير ان استمرار هذه الحرب الاستخبارية بين الدولتين من عدمه فى هذا التطور الحرج والكبير ليس مهماً بقدر ما ان المهم هو أن يدرك العالم ان المنظمات ذات الطابع الانساني وذات الميزانيات المهولة التي تنشط في مثل هذه المجالات ليست في الواقع سوى واجهات استخبارية مسمومة تدس سمها فى كل محفل تعمل فيه ولا تتردد في اختراق أي مجال حيوي تصادفه ولهذا فإن السودان حين ظل يتهم مثل هذه المنظمات التى كانت تعمل في دارفور وجنوب كردفان ومناطق مختلفة منه بأنها واجهات استخبارية لم يكن يطلق القول على عواهنه، السودان اكتشف هذه الحقائق منذ سنوات وظل يرفض وجود هذه المنظمات على أرضه كما ان كل الاتهامات التى ساقتها وما تزال تسوقها محكمة الجنايات الدولية إنما اعتمدت بصفة مطلقة على تقارير هذه المنظمات الاستخبارية المتدثرة بثياب امريكية ناعمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق