الأحد، 5 يوليو 2015

خبراء قانون اجانب ينتقدون محكمة الجنايات الدولية!

عن طريق المصادفة البحتة، وحين كانت الازمة تتفاعل فى العاصمة الجنوبية افريقية جوهانسبرج بشأن مذكرة جريئة تم تقديمها لمحكمة محلية هناك بخصوص توقيف الرئيس البشير إبان مشاركته في القمة الإفريقية رصدت (سودان سفاري) محادثة قانونية دارت فى قالب أُنس بين أحد المستشارين برتبة وسيطة في مكتب المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية، وأحد كبار القانونيين في جهاز قانوني بالغ الحساسية في هولندا.
ولأن الحديث الذي دار بين الطرفين دار فى سياق انس خاص، وفي طار تبادل الافكار يمكن اعتباره عادياً بين خبيرين من خبراء القانون بشأن قضية مطروحة على محكمة الجنايات الدولية فإن من الطبيعي بل ومن الضروري ألا نتطرق لأية اسماء او صفات، إذ يكفي هنا ان الامر جرى في ذات السياق العدلي المتجرد من اي أهواء الذي ظل العديد من خبراء القانون يتحدثون عنه بشأن محكمة الجنايات الدولية.
الخبير القانوني ذي الصفة القانونية المرموقة في هولندا، كان تلقى اتصالاً هاتفياً صبيحة الاحد 27/5/2015 من المستشار الوسيط بمكتب المدعي العام يستطلع فيه الاخير ما أسماها (رؤيته) بشأن امكانية توقيف الرئيس السوداني في العاصمة الجنوب أفريقية ولأن الامر بدا شديد الاهمية بالنسبة للرجلين على ما يبدو فقد اتفقا صباح ذات اليوم على الالتقاء ظهيرة ذات اليوم في مقهى شهير بوسط امستردام.
النقاش دار لمدة تجاوزت الـ45 دقيقة تخللتها اتصالات كان يقوم بإجرائها المستشار الوسيط لدقائق ثم يعود للنقاش مع الخبير القانوني الكبير. أكثر ما لفت نظرنا ولا نقول اثار دهشتنا ان الخبير القانوني ذي المنصب المرموق في جهة قانونية حساسة في هولندا، أكد منذ بداية النقاش وعبر لهجة قانونية حادة وقاطعة ان من المستحيل توقيف الرئيس البشير في جوهانسبرج وحدها ولكن في أي عاصمة اخرى مستقبلاً. مرجعاً السبب الى نوعين من الاسباب حسب تأكيده؛ أولها اسباب تتصل بدولة جنوب افريقيا باعتبارها (دولة مقر) لقمة الاتحاد الافريقي وليست دولة مضيفة للرئيس البشير.
وإلتزامات دولة المقر بشأن استضافة اعضاء أي اتحاد أو منظمة اقليمية او دولية التزامات صارمة للغاية ولا يجوز لها التهاون فيها. دولة جنوب افريقيا بمنطق الخبير القانوني كانت تمارس واجباتها باعتبارها دولة مقر ولهذا لن تجرؤ (حتى لو أرادت) ان تمس الرئيس البشير.
وثاني الاسباب، ان فكرة ملاحقة مسئولين كبار وهم فى سدة السلطة فكرة فطيرة وغير عملية بل وربما كانت مدخلاً لتحدي بعض المسئولين للمحكمة، ولهذا فإن من الصعب على المدى القريب ان يعتمد العالم على مبدأ كهذا في ملاحقة وتجريم كبار المسئولين وهم في السلطة. المستشار الوسيط كان يردد باستمرار ان محكمته تسعى لإرساء (سابقة قضائية دولية) يتم فيها توقيف رئيس وهو في السلطة. وكان يردد دائماً أنه يعلم طبيعة التعقيدات التى تكتنف الوضع عامة ولكن على حد قوله هذا قدر العدالة، غير أن الخبير القانوني الكبير أفحمه بمنطق معاكس حين قال له: وما المعيار (وأكرر المعيار) الذي بموجبه تتم ملاحقة (أي رئيس) وهو في السلطة؟
هل هو معيار امريكي مثلاً يقوم على غلبة القوة كما فعلت حين اجتاحت العراق بذريعة كاذبة وحاكمت الرئيس العراقي محاكمة كاذبة ونفذت الحكم تنفيذاً مؤلماً ومقززاً ؟ أم نعتمد معيار اسرائيلي حيث يتاح للدولة –مع أنها ديمقراطية– قتل اصحاب الارض ومهاجمتهم بالطائرات ثم الحيلولة دون معاقبتهم؟
يضيف الخبير القانوني ان قضية العدالة الدولية قضية تعتبر في حكم المستحيل إذ طالما أن العالم ما يزال يسوده منطق القوة وقانون القوة وليس قوة القانون فإن من المستحيل تحقيق عدالة، والراجح ان أحداً لن يمس الرئيس البشير، وأؤكد لك -يضيف الخبير القانوني- ان أي مساس بالرئيس السوداني معناه ان ارهاصات الحرب العالمية الثالثة قد بدأت وان الفوضى دخلت حيز التطبيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق