الأحد، 12 يوليو 2015

سوزان رايس وباقان والخطر القادم

لم ندهش من الأنباء التي تسربت حول الدور الذي لعبته سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي وأكبر أعداء السودان في الإدارة الأمريكية في عودة باقان للحركة الشعبية لتحرير السودان في منصب الأمين العام بعد أن طرد وزج به في السجن عند اندﻻع الصراع بين الرئيس سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار في منتصف ديسمبر 2012 والذي نتج عنه مقتل عشرات الآﻻف في حرب أهلية أهلكت الحرث والنسل وأطاحت أوﻻد قرنق جميعا بمن فيهم كبيرهم باقان عراب مشروع السودان الجديد .
الخبر أشار إلى أن رايس وقيادات غربية قد ضغطت على سلفاكير من أجل عودة باقان وألور وغيرهما من أوﻻد قرنق بعد أن وجدت أن مشروع الحركة (في السودان وإفربقيا) قد انحسر بعد خروج باقان من منظومة الحكم.
أود أن أذكر القراء الكرام بأني كنت قد رجحت أن تكون عودة باقان قد تمت بضغط من الرئيس اليوغندي يوري موسيفبني نظرا ﻻرتباط الرجل بمشروع السودان الجديد وإعادة هيكلة وتشكيل السودان بحيث تحسم هويته بما يجعله دولة إفريقية مع نزعه من أي انتماء إسلاي أو عربي.
ﻻ أزال أعتقد أن موسيفيني كان جزءا من أدوات الضغط مع رايس وصقور الإدارة الأمريكية لإعادة باقان إلى الواجهة من جديد سيما وأن موسيفيني صاحب مصلحة في مشروع زعزعة الاستقرار في السودان الذي تخصص فيه باقان باعتباره أعدى أعداء السودان.
لربما صادفت عودة باقان هوى في نفس سلفاكير سيما وأن الرجل يريد أن يمارس ضغطا على السودان من أجل الحصول على تنازﻻت في الملفات محل التداول والخلاف بين الدولتين بالنظر إلى أن الحرب الأهلية المشتعلة في الدولة الجديدة أضعفتها وجعلتها منطقة ضغط منخفض في مواجهة السودان.
فقد دمرت كثير من البنى التحتية المتهالكة أصلاً في دولة جنوب السودان وتردت الخدمات وقتل أبناء الجنوب بما لم يحدث طوال فترات الحرب بين الشمال والجنوب ونزح مئات الألوف إلى السودان ودول الجوار وقلّت كميات البترول المنتجة في مناطق الحرب وبالتالي الإيرادات وعانى الجنوب من المجاعة التي تفتك به حتى الآن.
إذن فإن باقان قد عاد إلى موقعه أميناً عاماً للحركة الشعبية ووجد الجنوب منطقة ضغط منخفض تعاني من الجوع والفقر والإنهاك والحرب الأهلية ومهمته أن يعيد مشروع السودان الجديد إلى الحياة بعد اللطمة التي تلقاها جراء الصراع الذي احتدم بين سلفاكير ومشار وما أن تقلد منصبه حتى قفز فوق الواقع البائس والمستنقع المنتن الذي تتمرغ فيه دولته وأطلق تصريحه باعتزامه زيارة السودان لمناقشة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين ظاناً أنه سيعيد الأوضاع الى ما كانت عليه يوم مغادرته موقعه في تجاهل تام لشلالات المياه التي تدفقت تحت الجسر طوال تلك الفترة العصيبة في تاريخ الدولة الجديدة.
لم أدهش لتصريح وزير خارجية السودان إبراهيم غندور الذي أعلن أن السودان ﻻ علم له بزيارة باقان وأتبع ذلك بمطالبة جوبا وقف دعم متمردي الجبهة الثورية ودارفور بالسلاح بل إنه حين زار جوبا قبل يومين للمشاركة في احتفاﻻتهم بذكرى الانفصال لم يقابل باقان إنما التقى نظيره في حكومة الجنوب وناقش معه العلاقات الثنائية وما كان ينبغي لباقان أن يتحدث باسم حكومة الجنوب وما كان للمؤتمر الوطني أن يناقش نظيره باقان في أمر يخص السودان، ذلك أن الوطني ﻻ يمثل الوطن بكل مكوناته.
الآن وقد انكشف الدور المرتجى لباقان من سوزان رايس وداعمي باقان فإن على الحكومة أن تعلم حقيقة ما ينطوي عليه الرجل الذي لم يشهد السودان في كل مراحل تعامله معه غير الكيد والتآمر من رجل أبغض السودان كما لم يبغض شيئا آخر في حياته.
أود أن أذكر بشيء واحد هو أن باقان لم ولن يتخلى عن حلم حياته المتمثل في مشروع السودان الجديد أو قل مشروع إعادة هيكلة الدولة السودانية وتغيير هويتها حرباً أو سلماً، وحدة أو انفصاﻻً فقد صرح لجريدة الشرق الأوسط اللندنية بعد قرار الجنوبيين بما يشبه الإجماع الانفصال عن السودان ..صرح بأن مشروع السودان لم يمت وأنه باق سواء عن طريق الوحدة أو بعد الانفصال ولذلك يعود باقان الآن لكي يعين أتباعه من قطاع الشمال الذين ﻻ يخفون حتى ولو حياء وخجلاً تبعيتهم للحركة الشعبية لتحرير السودان التي تقاد من جوبا منذ أن أنشأها قرنق عام 1983 وهو يشعل حربه التي شارك فيها عرمان ويوسف كوة وعبدالعزيز الحلو وبقية الشيوعيين الذين انخرطوا في الحركة بهدف امتطائها لإقامة مشروع السودان الجديد.
الآن التأم شمل قطاع الشمال (عرمان) مع الأصل بقيادة باقان ليعيدوا محاولة إنتاج مشروعهم فهل نعي الدرس هذه المرة أم نقتل أي محاولة لباقان يحاول من خلالها تعكير الأجواء وإلحاق الأذى بالسودان؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق