الاثنين، 6 يوليو 2015

العمل المعارض في السودان بوادر انهيار تام

لا شك أن العمل السياسي في عمومياته لا يعرف اليأس. طالما ان القاعدة الذهبية المعروفة تقول ان السياسة هي فن الممكن. القوى السودانية العاملة فى مضمار العمل المعارض سواء عبر السلاح او السياسة، فقدت تماماً في السنوات الاخيرة العناصر الاساسية المهمة اللازمة لكي تنجح فى مسعاها لإسقاط النظام.
هذه الحقيقة ليست لأغراض الجدل والمغالطة وإنما هي حقيقة واقعة ماثلة اكبر دليل عليها انه لا توجد الآن -لا نظرياً ولا عملياً- منظومة سياسية واضحة ومؤثرة تقود عملاً سياسياً معارضاً يمكن مشاهدته في ميزان المعادلة المطروحة عموماً.
قوى الاجماع حدِّث ولا حرج، لم تجتمع حتى على ضعفها واستحالة توافقها على هيكل منظومة التحالف نفسه، ولهذا خرجت باكراً من الميدان حين دهمها الحوار الوطني ذات شتاء سياسي بارد ثقيل اختلفت فيه حول مبدئية قبول الحوار، هل نقبل التحاور أم لا؟
ما يسمى بالجبهة الثورية هي الاخرى كانت تراهن على العمل المسلح وما يسمى بالانتفاضة المحمية بالسلاح. الآن لم يتبق منها سوى جنود قلائل في شريط حدودي بالغ الضيق في جنوب كردفان وبعض قادة سياسيين أرهقتهم الاجتماعات التذكارية الروتينية التي تنعقد من حين لآخر بلا جدوى.
الثورية فقدت عملياً قوة حركة جبريل وأصبحت قصة هزيمتها على يد قوات الدعم السريع فى (قوز دنقو) مثار تندر وسخرية وأوجاع مزمنة للثورية. بقية الحركات الدارفورية المسلحة تحاول دون جدوى الاحتفاظ بقواتها سالمة متحاشية أي حراك عسكري بالغ الكلفة.
السيد الصادق المهدي وبعد طول تجوال في الخارج مستعيناً بكل ما يقع امامه يفكر الآن -متردداً- في العودة الى الداخل والرضاء من الغنية بالإياب. القوى التي ما تزال تعارض بالداخل (البعث والشيوعي والشعبي) فقدت مذاق المعارضة لأنها من ناحية لم تختبر نفسها وجمهورها ولم تعرف وزنها الحقيقي من خلال عملية انتخابية اهدرتها مرتين في العام 2010 وفي العام 2015 ولهذا فهي خارج سياق التاريخ.
هذا الوضع بالطبع لا يمكن اعتباره وضع مرضي للكل. حتى المنظومة الحاكمة لا يرضيها هذا الوضع لأنها تحتاج لمن يعينها على ادارة الشأن العام من جهة مختلفة حتى ولو لم تصرح بذلك صراحة. وعلى ذلك فإن بإمكان هذه القوى اذا ما كانت تعتقد ان السياسة هي فن الممكن بحق ان تلحق بقطار الدولة هذا في محطته الراهنة.
لقد اصبح الوصول الى السلطة عبر العمل المسلح ضرباً من الجنون وعدم الواقعية، ففي ظل اصرار البعض على العمل المسلح فقد كان من اللازم ان تطور المنظومة الحاكمة من قدراتها على إجتثاث هذا العمل الهدام من جذوره وما تجربة قوات الدعم السريع القوية المبهِرة إلا تعبير حقيقي عن ذلك، فهي نجحت في غضون عامين أو أكثر في بسط سلطان الدولة على أراضيها بقوة.
وضع كهذا في ظل تطور سياسي متمسك بالعملية الانتخابية في دورات متتالية وفي ظل تنامي ظاهرة القوى السياسية الناهضة من الصعب ولا نقول من المستحيل ان تعود فيه عقارب الساعة الى الوراء. الذي يتسلح بالواقعية السياسية عليه ان يسهم فى البناء الوطني الديمقراطي الماثل بقدر استطاعته عبوراً الى المستقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق