الأحد، 12 يوليو 2015

فرصة أخرى

>  من المنتظر أن يلتقي السيد رئيس الجمهورية يوم غدٍ الإثنين برؤساء الأحزاب السياسية، لتمهيد الطريق لانطلاق الحوار الوطني بمشاركة الأحزاب التي تمثل الجمعية العمومية له، مع أمل لا يبدو ضئيلاً في إمكانية الحصول على موافقة الممانعين في المشاركة أو قبول ما سيخرج به مؤتمر الحوار الوطني المقرر له ثلاثة أشهر من انطلاقته، ويتوقع أن يبدأ وينتهي قبل نهاية العام الحالي.. وتنشط آلية «7+7» وأطراف أخرى هذه الأيام لوضع موضوعات اللقاء مع الرئيس والحوار، مع تقديم مقترحات عملية حول مواقيت بدء المؤتمر وكيفية تهيئة المناخ السياسي لنجاحه.
>  ويمثل الحوار الوطني تحدياً كبيراً للرئيس نفسه، لأنه كان ركيزة أساسية من البرنامج الانتخابي الذي قدمه للشعب، والتزاماً سياسياً وعد باستنجازه في موعده والوفاء به حتى تخرج البلاد إلى باحة أخرى من ساحات التعاضد الوطني والتبادل السلمي للسلطة وإحلال السلام ووقف الحروبات التي زادتنا إنهاكاً على إنهاك.
> وليس من خيار آخر غير الحوار في هذا البلد كما قال الدكتور الترابي أخيراً «إما الحوار أو الحرب»، فالبديل للحوار والتوافق الوطني أو قل الخيار الوحيد استمرار الاقتتال وسفك الدماء وخراب الديار حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وليس أمام الحكومة التي تقف على شرعية جديدة بعد الانتخابات الأخيرة، غير أن تبذل كل ما في وسعها وتستفرغه في الاجتهاد، لصنع المناخ الملائم لانطلاق الحوار وجمع كلمة السودانيين وجعل الصعب سهلاً والمستحيل ممكناً.
>  وليس ذاك المبتغى ببعيد ولا هو قصي وناءٍ، فالحكومة هي التي بيدها ترتيب الأمور وقيادة المبادرات ومد يدها بيضاء من غير سوء للآخرين وكسب ثقتهم، فالعامل الحاسم في نجاح الحوار الوطني وما يترتب عليه بيد الحكومة وليس بأيدي غيرها.. لا عمرو ولا زيد!! فبمقدار ما تقدمه من خطوات بناءة وفاعلة في اتجاه التصالح الشامل ومعالجة المشكلات الشائكة في قضايا الحرب والسلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية والاهتمام بالقوى الاجتماعية وإصلاح الحكم وهياكله وتحسين العلاقات الخارجية، تكون الأجواء مواتية والقلوب قد غسلت من الغل والاحتقان السياسي.
> فالمهم ليس فقط لقاء الرئيس بالأحزاب المشاركة في عملية الحوار الوطني، وهو لقاء مطلوب وضروري، لكن يجب أن تكون نتائجه ورسائله ذات مضامين جيدة تخاطب الآخرين في قوى الممانعة والرافضين للحوار لينخرطوا فيه بدون شروط مسبقة وبثقة كاملة، فكل شيء بيد الرئيس وحكومته وحزبه الحاكم، إن أرادوا حواراً جاداً وحاسماً ومثمراً، فعليهم بتوفير ما يسلتزمه الحوار من استحقاقات وشروط وجوب وشروط صحة، وإعطاء الآخرين الأمل في لم شعث السودانيين وجمع صفوفهم وكلمتهم من أجل الاستقرار والسلام والطمأنينة حتى تغادر البلاد محطات المحن والإحن التي غاصت فيها أقدامها ولم تخرج من وحولها بعد.
>  ينبغي أن يكون لقاء الرئيس بالأحزاب هذه المرة فرصة ثمينة وغالية يتم فيها التحديد بشكل قاطع لموعد الحوار الوطني زماناً ومكاناً وموضوعات وجدول أعمال وضمانات واقعية، فمن الممكن بالفعل مشاركة الجميع فقط لو تحلى كل طرف في الحكم أو المعارضة بالمسؤولية الوطنية والإرادة القوية في انتشال البلاد من واقعها الراهن، وليس من المقبول على الإطلاق أن يكون لقاء الإثنين في حال التئامه، مثل اللقاءات السابقة بلا نتيجة ملموسة، لا نريد خطباً منبرية وسوق كلام من الأحزاب وقادتها، حيث يقال كل شيء ولا يتم التقدم عملياً بشيء!!
>  لو أفلح لقاء الإثنين في التحليق عالياً بحلم الحوار ورفرفت أجنحة الأمل في سماء بلادنا وفتحت الأبواب للجميع فإن بلدنا موعود بالخير العميم، فما من دولة لها مثل ما لدي السودان لو أصلحناها وغمرناها بالمحبة والثقة، وقدمنا برنامجاً وطنياً يسع الجميع يتساوون فيه بالمسؤولية والواجب ولا يتنازعون فيه بالمغنم والمكاسب، فإن هذا الوطن سيكون واحةً للنهضة وقوياً بالوحدة وملاذاً للسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق