الأحد، 12 يوليو 2015

الحوار الوطني ضرورة قائمة أم مناسبة سياسية إنتهت؟

بالطبع وإلى ان يتم التوافق على كل مخرجاته وعبر توافق وتراضي وطني كبير فسوف يظل الحوار الوطني ضرورة وطنية بالغة الأهمية، ذلك ان اطروحة الحوار الوطني حين تم طرحها بواسطة الحزب الحاكم في يناير 2014 كانت وما تزال قضية استراتيجية لإيجاد حل وطني داخلي حقيقي لقضايا السودان، وقضايا السودان المطروحة التى في حاجة إلى حلول وهي قضايا السلام والحرب والهوية والقضية الاقتصادية وكيفية وإدارة التنوع المهول الذي يتمتع به السودان.
وعلى ذلك فإن احياء الحوار والتركيز عليه بواسطة الحزب الحاكم وآلية 7+7 عن طريق التحضير لانعقاد الحوار يمكن اعتباره من أهم قضايا الراهن. صحيح ان بعض قوى المعارضة فهمت الاطروحة على انها إقرار من الحزب الحاكم بفشله في الحكم ولهذا سارعت بقبوله عسى ولعل ان يتسنى لها بلوغ السلطة عن طريق سهل وميسور وصحيح أن بعض قوى الخارج -القوى الدولية الكبرى في العالم- فهمت اطروحة الحوار على أنها إيجاد حلول صعبة لحروب الهامش وإشراك حملة السلاح جميعهم في إدارة الدولة على ذات النسق الذي يجري فى نيفاشا 2005م.
ولكن تظل رغم كل ذلك قضية الحوار الوطني هي القضية المركزية في السودان غض النظر عن تطورات الاوضاع في هذا البلد، ولهذا فإن المرحلة المقبلة تستلزم النظر الى قضية الحوار الوطني من قبل كل القوى السياسية السودانية حاكمة ومعارضة سلمية ومسلحة وعلى النحو التالي:
أولاً، ضرورة المشاركة من قبل الجميع مهما كانت مواقفهم ورؤاهم ومهما كانت مشاعرهم الخاصة في طاولة الحوار، ذلك ان طريق الحوار يمكن اعتباره أقصر الطرق للحل الشامل. ربما يحس البعض بإفتقارهم للثقة حيال المخرجات وربما يخاف البعض أيضاً من ان يمر الامر مرور الكرام، ولكن المهم في الامر -من الوجهة الجوهرية- ألا بديل للحوار إطلاقاً فهو على الاقل يوفر (مادة سياسية وطنية جيدة) لصناعة أرضية وطنية مشتركة يتم البناء عليها مستقبلاً إذ ليس من الضروري –لأغراض الحوار- ان يشارك الجميع في سلطة انتقالية وان تعقب ذلك انتخابات عامة، ولكن الامر الضروري والمهم هو ان يجري التفاهم حول قضايا السودان الكبرى بين الجميع حتى ولو على سبيل تحديد نقاط النزاع بين الاطراف ومعرفة على ماذا يتفق الجميع وعلى ماذا يختلفون.
مثل هذا التحديد الشامل يضع النقاط على الحروف بالنسبة للمستقبل ويتيح للكل معرفة الاوضاع بوضوح دون الحاجة الى اتفاقيات ثنائية وتفاهمات في المستقبل.
ثانياً: الكف عن الحروب مهما كانت درجة الغيط والخصومات، فقد ثبت ان الحروب لا تفيد، هي فقط تأكل أخضر ويابس السودان، تخصم من رصيد الحاضر والمستقبل ودون مقابل، والكل لا محالة خاسر، خاصة وأن الحروب لا تحقق لطرف أهدافه مهما كانت قوته لأنها لو فعلت فمعنى هذا انها قضت على البنية التحتية لدولة.
ثالثاً، عدم إيلاء ادنى اهمية للماضي فالبعض مولع باستدعاء الماضي وآلامه وغبائنه، وهي امور عفى عليها الزمن ولا يمكن استعادتها. هناك قوى سياسية وقوى مسلحة فقدت وزنها السياسي وهي تخاصم السلطة الحاكمة. هناك قوى مسلحة خسرت عتادها وأموالها المستجلبة من الخارج وهي مدينة للخارج ولا تملك ما تسدد به دينها!
مخرج هؤلاء جميعاً في الجلوس الى الحوار هنا في الداخل والعمل على ايجاد حلول سودانية خالصة بلا فواتير خارجية وبلا أطراف خارجية بلا محاولة لوضع عراقيل دولية. هذه المعطيات المهمة جميعها من الممكن ان تصبح ملفاً وطنياً جيد لصناعة سودان قوى وطني لا عناصر دخيلة فيه ومن ثم يصبح الحوار الوطني هو الجائزة الوطنية الكبرى التى من الممكن ان يصبح السودان بواسطتها اقوى وأكبر دولة في المنطقة.
إذا تم فهم الحوار الوطني فى ذات هذا السياق فإن المشكلة تكون قد انتهت أما إذا كان البعض ما يزال يراهن على قدراته وقدرات الخارج فإن هؤلاء سوف يظلون خارج مظلة التاريخ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق