الخميس، 9 يوليو 2015

قفص الكراكيب... والأحزاب السياسية

نقرأ ونقرأ ونغرق في علم النفس، ونجتهد ألا نتشرب لوثة الإلحاد وأن نخرج – في ذات الوقت – بالحكمة التي "نستنظفها" من بين اللا شئ واللا دين واللا أخلاق!
وسيجموند فرويد يعزو كل شئ إلى "قفص الكراكيب" والعقد النفسية في مراحل التكوين الجنسي، حيث تجتمع في الحوش "الوراني" والمرض النفسي هو مجرد ثعبان يخرج من الكراكيب..ويقيم النفس البشرية إلى (الهو والأنا والأنا العليا).. الهو هي النفس الغريزية التي تريد أن تأكل وتشرب وتمارس الجنس وهي التي تخاف على البقاء وتبخل وتشح بأشيائها لذاتها..والأنا العليا هي الضمير والقيم المكتسبة والموروثة!
والأنا أو الأنا الوسطى هي الوسيط الواقعي..ولكن في كتاب الله "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم".
القسمة مختلفة: فالجنس إما أن يكون زواجاً وهو أجر وعافية وإما أن يكون فاحشة بأمر الشيطان.. والفقر أو الخوف من الفقر والأمر بالشح والبخل من الشيطان ايضا.. والأنا العليا هي أوارم الله!
ولكن في الحديث.. اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا..وهذا يثبت "في إطار عام" وجود الهو ولا يلغي وسوسة الشيطان بالفحشاء التي تصادف رغبات شريرة في النفس البشرية..لكن فرويد لا يراها شريرة، فالشر والخير قضية نسبية متغيرة، مثل موديلات السيارات، وما يمكن أن يكون شراً في زمان يمكن أن يكون خيراً في زمان أو مكان آخر!
أغلقنا كتاب فرويد أعدناه إلى "كراكيب المكتبة".. ورفعنا المصحف الشريف "الرف الأعلى".. وغرقنا في التفكير مجدداً في علم النفس الجماعي والاجتماعي.. وفيه أن المجموعة البشرية، أية مجموعة قبيلة، حزب، وزارة، شركة، جماعة دينية، فريق كرة ومعه مجلس الإدارة، عصابة، مليشيا، كل مجموعة لديها "نفسيات جماعية خاصة بها".. ويمكن أن تمرض "مرضاً نفسياً جماعياً أو تتخذ موقفاً لأسباب نفسية.. ويكن أن تقرر سقوط حاكم أو إعلان حزب على مجموعة أخرى..ويشرح غوستاف لوبون "الديناميكية النفسية للثورات" وسايكلوجيا الجماهير" ويسرد بعض المؤشرات ولكنه يتوقف!
وبعده يواصل شخصي الضعيف في إسقاط نظرية فرويد على مبادئ غوستاف في علم النفس الجماعي.. بهذه الفرضيات: طالما القرار على مستوى الفرد يقوده ويحضره هذا الثلاثي ايضا داخل الجماعة ولكن وفق هذا التعديل.. الموضوع ليس عمومات تحوم فوق الجماعة، هنالك فرد أو "ثلة" داخل الجماعة تمثل الهو ومعها "قفص الكراكيب"... وفرد أو ثلة يمثل "الأنا العليا" وفرد أو ثلة يمثل "الأنا"!
في القبيلة مثلاً هنالك من يمثل "الهو" بتقديم القبيلة على الدين والخلق والوطن وكل شئ.. بالإصرار، القبيلة لن تعيش إلا اذا سفكت وقتلت القبائل الأخرى.. بل وتتخصص الهو في تصدير الاتهامات المستمرة بوجود خونة وجواسيس للقبيلة الفلانية والعلانية وتجمع أدلة لذلك.. وإن لم تجد زورت واختلقت وهو سلوك ينسجم مع تكوينها السيكوباتي، وبالرغم من أن ما تقوله هو خارج إطار المنطق والوعي إلا أنه يمثل "ضرورة البقاء" وهو هدف جماعي متفق عليه!
وجود الهو... لا يمكن تفاديه.. ولكن يجب ألا تستولى على موقع اتخاذ القرار (الأنا الوسطى)، يجب أن نظل في قفص الكراكيب مع الحيات والأفاعي و"الضبوب".. لا يمكن أن تكون في "البترينة".. وإلا شوهت المنظر!
ونواصل في القراءة والسهر..والتقاط الثمر والمعرفة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق