الاثنين، 13 يوليو 2015

وها هي الولايات تخطو نحو القومية :

لقد ولدت تجربة الحكم الفدرالي في السودان التي تم تطبيقها في عهد الإنقاذ نقاشاً عميقاً حول ما أثبتته من إيجابيات، وما أفرزته من سلبيات، فمع أنها قلصت الظل الإداري ووسعت قاعدة المشاركة في الحكم وإدارة الشأن الذاتي، وزادت الوعي السياسي ومكنت المجتمعات المحلية من التعامل مع شأنها العام، وقدمت قيادات من أهل مكة الذين يدرون بشعابها في كل شأن. إلا أنها في المقابل أفرزت اصطفافاً قبلياً وفرزاً جهوياً، واستقطاباً مناطقياً، مما جعل الكثير من إفرازات التطبيق تتحول إلى مظان تهديد محتمل للوحدة الوطنية والتكامل الوطني والتماسك القومي، فكان لزاماً أن يعاد النظر فيها، وقد كان خطاب السيد رئيس الجمهورية الذي عرف بخطاب الوثبة الذي طرح فيه مبادرة الحوار والإصلاح، كان واضحاً في عرض تجربة الحكم الفدرالي وإخضاعها للنقاش والتقييم والتقويم والتطوير بغية إصلاحها كأساس لإصلاح الحكم. وقد مضت الحكومة أكثر من ذلك في اتجاه الإصلاح والتصحيح المباشر في التجربة عندما عدل الحزب في آليات اختيار مرشحيه لمنصب ولاة الولايات، بعد أن مضت كل مراحله لينقل المرشح الذي اختاره المركز إلى ولاية هي ليست ولايته التي نشأ وترعرع فيها، إنما ولاية أخرى من ولايات السودان بدافع الانتماء العريض لكل بقعة من بقاع الوطن، والسعي لخيرها ورعاية إنسانها وتطوير مواردها مثل ولايته الأولى تماماً، بعد أن طلب الرئيس البشير من البرلمان تعديلات دستورية وأخرى على قانون الانتخابات، تمكن الرئيس المنتخب من تعيين الولاة مثل سائر الوزراء بدلاً من انتخابهم، وقد شهدنا الارتياح الكبير الذي شهدته الولايات، ومظاهر البهجة التي عمت الكثير منها عندما صدرت المراسيم الجمهورية التي استبدلت ولاتهم الذين تقادموا أو تقاعسوا، ما يعني أن الولاة الجدد سيمضون في ظل إسناد جماهيري كبيرين وبعيداً عن أي تحيزات أو تكتلات من أي نوع كان لأنهم من خارج مجتمع الولاية وعلاقاتها الاجتماعية.
لقد شرع الحزب الحاكم الرئيسي في تشكيل حكومات الولايات بمتابعة وتشاور يشمل المركز والولايات، وأعمال لمعايير الإصلاح التي شملتها وثيقة الإصلاح والتطوير التي أخرجها الحزب في يوليو من العام 2013، فيستبعد كل من قضى في مستوى الحكم المعني دورتين تنظيميتين ، أي ما يقارب ثماني سنوات، كما تم إضافة بعد قومي آخر بأن يكون اثنان من الوزراء الثمانية من خارج الولاية في نفس الوقت الذي يكون فيه اثنان من أبناء الولاية ذاتها وزراء في ولايات أخرى، وتم تنزيل تجربة الولاة من خارج ولاياتهم، ليكون المعتمدون ايضا من خارج المحلية، وذلك لتبادل المعتمدين بين محليات الولاية الواحدة. إنها تجربة موجبة في طريقة استعادة البعد القومي في تجربة الحكم الفدرالي، نرجو لها المزيد من التطوير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق