الأحد، 5 يوليو 2015

المعارضة السودانية والفرص التاريخية الضائعة!

سواء صدقت أم لم تصدق، لا تزال أمام القوى المعارضة في السودان سلمية كانت او مسلحة فرصة تاريخية لتوفيق أوضاعها بصورة جوهرية وربما تعتقد بعض هذه القوى ان دورها -وحدها- آتٍ لا محالة بحسب فرص التاريخ وانهيار وسقوط الانظمة.
وربما تعتقد بعض هذه القوى وفق حساباتها الخاصة انها انتظرت عقدين ونيف فما الذي يضيرها إن انتظرت أكثر عسى ولعل! ولكن كل هذه التوقعات -للأسف الشديد- من الناحية الاستراتيجية المحضة غير واقعية وغير عملية ودعونا نمعن النظر جيداً في حقائق الواقع.
أولاً، حتى الآن لم تدرك القوى المعارضة طبيعة الدور الذي قادته الانقاذ منذ 30 يونيو 1989 باعتباره دوراً استراتيجياً وتغيير مصيري حقيقي لطبيعة الاوضاع فى السودان بنقل هذا البلد من مربع الممارسة التقليدية ذات البعد الطائفي البالغ الضيق الى مربع أوسع وأرحب لقوى سياسية حقيقية وحية.
هذه الحقيقة ما تزال خافية على الكثيرين من قادة القوى المعارضة وهو دور تاريخي مهول سوف يقف التاريخ عنده طويلا جداً فيما بعد حتى مع كونه حمل في جوفه بعض الخسائر هنا وهناك ولكنها خسائر على اية حال لصالح التجربة ولصالح المستقبل.
الآن فقط يمكننا ان نرى حوالي 75 حزباً سياسياً في الساحة ومهما قلنا عنها، فهي دون شك قابلة للتطور وتطوير الممارسة. هناك على الاقل رفض لأسلوب ادارة الاحزاب بالصورة التقليدية القائمة على الولاء الطائفي، ومن الممكن ان تفضي الاوضاع مستقبلاً الى بروز 3 أو 4 تيارات رئيسية مهمة وفاصلة من بين هذه القوى والأحزاب السياسية الكثيرة وهذا هو مربط الفرس؛ محاولة تطوير التجربة عبر تدرج بهدم القديم ومحاولة اقامة جديد.
فرص القوى المعارضة هنا تتجلى فى إمكانية دخولها مضمار اللعبة والتأثير فيها بدلاً من الاكتفاء بالتأثر بها. الآن هناك قوى تقليدية تتساقط وتنهار وتتمدد في مكانها قوى جديدة . ربما تكون القوى الجديدة هذه ضعيفة الآن او غير مؤثرة ولكنها في حركة متقدمة وبالإمكان ان تنجح على المدى المتوسط والبعيد. لماذا لا تشارك القوى السياسية في ترشيد وإنضاج التجربة؟ ما جدوى الانتظار غير المجدي والأمور تتحرك والأوضاع تسير؟
ثانياً، لا شك ان هناك استحالة في إرجاع عقارب الزمن. لا يمكن لحزب مثل حزب الامة القومي مثلا -بعد كل كهذه السنين- ان يظل كما هو؛ على الاقل من المؤكد ان هناك جيل جديد قد انفصل عنه. هناك جيل مضى بسبب عوامل الزمن والانتخاب الطبيعي -الموت والحياة- فهل الاجدى محاولة السير في ركاب الزمن والتاريخ أم الوقوف في حالة جمود قاتلة فى انتظار المجهول؟
ثالثاً، لماذا لا تتغير ولو بالمصادفة عقلية اسقاط النظام وتتحول الى الاسهام فى تحسين بيئة العمل السياسي عموماً كمكمِل وطني مقدس لصالح المواطن والدولة؟ لقد جرب الكل محاولة الاسقاط هذه وفشلت تباعاً لعقدين ونيف فلماذا لا يتم استبدالها بالمساهمة في تطوير الممارسة السياسية بالتعاون مع النظام نفسه؟ من قال ان الخصومة السياسية والإصرار على إعادة الاوضاع الى الماضي هي الباب الوحيد للإصلاح الشامل وتجنيب البلاد ويلات التعقيدات والمشاكل المتلاحقة؟
ان القوى السياسية التى تتدثر برداء وطني حقيقي أمامها فرصة تاريخية لإعطاء المواطن السوداني قوة دفع تاريخية لا تقدر بثمن بدلاً من العبث بأمن البلاد والاستعانة بالأجنبي وموجة العداء الصارخ التى لا تفيد في شيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق