الخميس، 9 يوليو 2015

انهيار قوى الاجماع آخر مراحل إدمان الفشل

التحالف الذي انهار تماماً قبل اشهر قلائل والذي كان يضم عددا من القوى السياسية المعارضة تحت لافتة قوى الإجماع، تفرقت بمكوناته السبل على نحو فريد. ومع ان انهيار تحالف سياسي معارض كان يضم في جوفه اقصى اليمين وأقصى اليسار وكانت لديه في وقت من الاوقات معطيات جيدة وكان بإمكانه ان يحرز الكثير بالعمل السياسي المثابر أمر مثير للدهشة حقاً؛ ولكن الأمر الاكثر اثارة للدهشة ان هذا الانهيار ألحق اضرار ببعض هذه القوى وأفاد قوى أخرى داخل التحالف وهناك مجموعة ثالثة زادها الانهيار انهياراً على إنهيارها.
فعلى سبيل المثال فإن انهيار التحالف أضر ضرراً بليغاً وغير مسبوق بحزب الامة القومي بزعامة المهدي لأن هذا الحزب -رغم كل إعتلالاته الصحية التي ظلت ملازمة له- يعتبر الجسم الاكبر والأبرز فى التحالف المنهار فلا نجح الحزب في قيادته للتحالف بالطريقة التي تحفظ للحزب مكانته التاريخية وأطروحاته ووزنه السياسي، ولا نجح فى المحافظة على علاقاته السياسية المهمة مع المكونات الحاكمة، خاصة فيما يتصل بقضية الحوار الوطني.
الآن حزب الامة القومي بحاجة الى (معجزة) لكي يضمن له مقعداً مريحاً في قاعة الحوار الوطني لأنه لا يمتلك تحالف يناور به، كما لا يملك علاقة قوية مع الحزب الحاكم تجعل الاخير يحسب له حساباً.
حزب الامة سوف يضطر في مرحلة لاحقة الى طرق باب الحوار طرقاً خافتاً طالباً السماح بالدخول. وفي مثل هذه المواقف فإن السماح بالدخول سوف يكون ضمن إطار محدد ومحدود ومن الصعب ان يكون بذات المعطيات السابقة بحال من الاحوال. أزمة المهدي المفجعة انه قفز خارجاً من مضمار الحوار لأكثر من 9 أشهر بلا دراسة جدوى ودون استراتيجية واضحة ومفيدة ودون افق سياسي سليم.
أما المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي فيمكن اعتباره الافضل بين الجميع. صحيح انه لم يتخذ موقفاً واضحاً، ولكن دون شك اتخذ استراتيجية بعيدة المدى وضع فيها سلامة الوطن وصحته السياسية فوق كل اعتبار. الشعبي افاد بلاده بإيلائه اهتمام كبير بقضية الحوار من منظور الاستراتيجي كبير ولهذا فإن خروجه من التحالف قبل او بعد الانهيار لم يؤثر عليه كثيراً.
قوى اليسار عموماً (البعث والمؤتمر السوداني والشيوعي) إزدادت انهياراً جراء سقوط التحالف وانهياره لأنها وكعادتها لا تجيد التحالف فيما بينها نظراً للونية السياسية التى ما فتئت تضعها فى نفق ضيق. هذه القوى الصغيرة المغلوبة على أمرها ستظل هكذا على هامش الملعب السياسي الى ان تنتبه الى الواقع والمتغيرات. وعلى ذلك فإن انهيار تحالف الاجماع يمكن اعتباره نهاية للمشهد السياسي المعارض في صورته القديمة؛ تلك الصورة التى سئمها الشارع السياسي السوداني والتى تتراوح عادة ما بين قوى صغيرة عالية الصوت قليلة الجماهير ليس لها اثر فى الفعل السياسي الحقيقي الملبي لأحلام المواطنين. قوى تحسن فقط الاحتجاج والتشويش وتتكئ على معالم الماضي.
إنهيار تحالف الاجماع في الواقع انعكاس لحالة الفشل السياسي المدمر التى تعيشها القوى السياسية هذه التى فشلت في القيام بواجبها الوطني كمعارضة سياسية وطنية نظيفة اليد، مدركة لطبيعة المرحلة الماثلة حالياً في السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق