الاثنين، 5 ديسمبر 2016

منظمات منبوذة دولياً.. لاهاي والعفو نموذجاً!

لا تختلف منظمة العفو الدولية -في المسلك والممارسة وازدواجية المعايير- عن محكمة الجنايات الدولية، وهذه في واقع الأمر مشكلة المنظمات ذات الاهداف الظاهرية السامية ولكن في حقيقتها واجهة لجماعات ضغط، أو مصالح دولية.
ومن المهم هنا أن نشير إلى قيام الحكومة الروسية مؤخراً بإغلاق مقر منظمة العفو الدولية في موسكو و حظر نشاطها. التصرف الروسي الذي بدا مستغرباً للبعض دولياً عزته موسكو إلى فشل المنظمة في سداد أجرة المقر!
ويجئ هذا الحدث متزامناً مع إعلان موسكو انسحابها رسمياً من ميثاق روما المنشئ لمحكمة الجنايات الدولية. مسلك روسيا حيال منظمة العفو الدولية وحيال محكمة الجنايات يعطي عنصراً أساسياً لفرضية التشابه العجيب بين المنظمتين، وإذا ما قرنا ذلك بقيام المحكمة العليا في لندن –في تسعينات القرن الماضي– بحظر أنشطة منظمة العفو الدولية في بريطانيا فإن الأمر يبدو أكثر عمقاً مما هو ظاهر على السطح.
وبإمكاننا الآن أن نوجد أوجها للشبه مبسطة بين المنظمتين: أولاً، كلا المنظمتين تتناولتا أموراً بالغة الحساسية تتصل بجرائم وانتهاكات ولكنها لا تعطي أدلة مادية واضحة، ففي حالة محكمة الجنايات الدولية فإن تحقيقاتها التي أجرتها بشأن دارفور مثلا (ما تزال سرية)! تحقيقات بعضها جرت في دول مجاورة بعضها في دول أوروبية وهي محض إفادات سماعية غير ذات قيمة قانونية لان المحققين لا يفعلوا أكثر من استماع إلى أشخاص هم سلفاً جرى تلقينهم بما يرد منهم قوله!
 منظمة العفو من جانبها تفعل ذات الشيء، فهي على سبيل المثال وفيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية التي قيل أنها استخدمت في دارفور أوردت صوراً و أحاديث هاتفية واعتبرتها أدلة قانونية! مجرد مكالمات هاتفية وصور من الممكن التلاعب بها تقنياً تعتبرها المنظمة أدلة مادية!
ثانياً، كلا المنظمتين مجهولة التمويل وميزانيتها خفية وغير معلنة، ففيما يخص محكمة الجنايات فقد راجت قصة (الحسابات المصرفية السرية والخاصة) لبعض قضاتها دون أن يعرف من أين جاءت هذه الأموال؟ من أي طرف؟ وما هي مصلحته؟ ولماذا لم تعلن رسمياً  وبشفافية؟ كذلك التصاق المحكمة بأموال مشبوهة من ما يسمى ببرنامج حماية الشهود، حيث لا تعرف أحجام المبالغ التى وردت إلى المحكمة من برنامج حماية الشهود ومن أين يتم تمويل هذا البرنامج؟ فالجهات القضائية -ولحساسية وضعها- ينبغي أن تكون ميزانياتها واضحة وشفافة بحيث لا يعلق بثوبها أي اتهام أو نقطة سوداء.
منظمة العفو هي أيضاً غير معروفة مصدر التمويل، صحيح هناك من يزعم أنها منظمة غير حكومية وناشطة حرة ولكن لم يسبق أن نشرت المنظمة تقريراً مالياً نزيهاً ومفصلاً عن مصادر تمويلها وكيفية الصرف وما إذا كانت لديها لوائح مالية يستدل بها على نزاهتها وموضوعيتها؟ ذلك لان المال هو أخطر عنصر مهدد لنزاهة أي جهة تعمل في مضمار يتصل بالحقوق والحريات.
ثالثاً، تتشابه محكمة الجنايات أيضاً مع منظمة العفو الدولية في أنهما يركزان -بصفة لافتة  ومخجلة- على الدولة الأقل نفوذاً دولياً. من الصعب أن تجرؤ أي منهما على ملاحقة الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وغيرها. هي فقط (تنتقي) الدول الأقل نفوذاً لأنها بطيعة الحال تحقق أهدفاً بعينها لدول وجهات دولية لديها صالح خاصة. من هنا يمكن أن نلمس أوجه تشابه المنظمتين واللتين جعلتا من نفسيهما منظمتين منبوذتين دولياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق