الأحد، 25 ديسمبر 2016

ثبت الآن أن الحوار الوطني هو الخيار الإستراتيجي الوحيد!!

مع أن القوى السياسية المعارضة في السودان قللت من مشروع الحوار الوطني واستهانت به وتمنعت عن التفاعل معه وبعضها ركله برجليه الا أن الأحداث وأبرزها العصيان المدني المجلل بالفشل الذريع سرعان ما أثبت لهذه القوى المعارضة أنها ركلت واستهانت بالخيار الاستراتيجي الوحيد الأكثر فاعلية، الأقل كلفة الأسرع أثراً وهو الحوار الوطني. ولكي ندلل على هذه الفرضية فإننا نمعن النظر في مجمل المشهد السياسي الراهن في السودان.
أولاً طرحت الحكومة السودانية بمبادرة خالصة منها مشروع الحوار الوطني في يناير 2014 ومنذ ذلك الحين وحتى الآن – أي لما يجاوز العامين – فإن قوى المعارضة لم تستطع أن تفعل شيئاً ذي بال يمكن اعتباره موازياً أو معادلاً موضوعياً لمشروع الحوار الوطني بمعنى أن قوى المعارضة لم تشارك في الحوار فتزيده قوة ودفعة لكي تستفيد من الإنجاز كما لم تطرح بديلاً سياسياً سلمياً يجبر الحكومة على الانتباه لها وتجاوز الحوار الوطني ولا هي قادت عملاً جماهيرياً مؤثراً أسقطت به الحكومة.
واذا جاز لنا وضع معادلة مبسطة فإن مبادرات الحكومة وحراكها السياي لا يقابله على الضفة الاخرى – ضفة المعارضة – عمل سياسي موازي ومؤثر اللهم الا ما يعرف بالعصيان المدني وحتى هذا العصيان – ورغم فشله الذريع وخروجه من ميدان المواجهة – الا أنه هو نفسه لم يكن إختراعاً يخص المعارضة فلا هي اخترعته، ولا هي استطاعت تبنيه وانجاحه بالطريقة المثلى. الامر الذي أكد لقوى المعارضة – من حيث لم تتوقع – أن خياراتها قد نفدت وأن الحوار الوطني الذي رفضته وما تزال ترفضه هو في واقع الأمر الخيار الاستراتيجي الاوحد المتاح.
ثانياً : المسار الذي ظلت تتخذه الأحداث السياسية في السودان حتى هذه اللحظة يشير الى أمرين جوهريين : الأول أن النشاط المسلح المختلف القوى المسلحة قد تراجع ولم يعد مثيراً للقلق بالنسبة للحكومة فهي ألحقت بحملة السلاح هزائم نكراء متتالية في عدة جيهات، ضربات موجعة وقوية يصعب احتمالها تلقتها هذه الحركات المسلحة أخرجتها من مسرح القتال. أما الثاني فهو تراجع الحراك السياسي الفاعل للقوى السياسية السلمية ومن ثم انعدام بدائلها على المدى القريب ومن جهة أخرى فإن مخرجات الحوار الوطني باعتبارها مكسباً لشعب السودان سنرى النور على أرض الواقع وسوف تتشكل حكومة وفاق وطني وهذا بدوره وفي غضون اسابيع قلائل سيجعل الحكومة السودانية حكومة وطنية مكونة من عدد من القوى السياسية بحيث يصعب تماماً الزعم أنها حكومة المؤتمر الوطني أو حكومة شمولية وتبعاً لذلك تستعصى مواجهتها وتصعب عملية اسقاطها سلماً أو انتخاباً أو عبر استخدام السلاح.
ثالثاً : الحوار الوطني في نظر المجتمع الدولي والاقليمي وسيلة سياسية حضارية لمعالجة المشاكل وحل النزاعات ومن الصعب – بعد تنفيذ المخرجات – أن يصغى المجتمع الدولي إلى أي حزب معارض بعد ذلك أو يصدق المزعم المتكررة التي عادة ما توجه الى المؤتمر الوطني. ولعلنا هنا نلاحظ بوضوح أن القوى السياسية المعارضة لم تتعامل مع الحوار الوطني بالحد الأدنى من الكياسة والذكاء، فهي لم تضع في اعتباراتها أن هذا المشروع الوطني الكبير بما يجتذب مزاج مجموع الشعب السوداني وتصبح بذلك الأغلبية مع الحوار وتحرسه وتعض عليه بالنواجذ وتجد هذه القوى نفسها معزولة عن التيار الشعبي العام وبعيدة عن طموحات شعب السودان وتطلعاته.
لقد ثبت الآن أن مشروع الحوار الوطني هو المشروع الوطني الاستراتيجي الأوحد الذي بامكان السودانيين تصميم دولة سودانية مستقرة عن طريقه فهل كانت القوى السودانية المعارضة متخلفة سياسياً في فهمها واستيعابها لهذه الحقيقة؟ أم أنها كانت خارج سياق التاريخ أم أن لديها أجندة خاصة أخرى؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق