الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

الحزب الشيوعي السوداني يطرد نفسه من الشارع السوداني!!

حينما تم طرد الحزب الشيوعي السوداني من البرلمان – العام 1956م – على أثر إختراق الحزب للسياج الأخلاقي الراسخ في الثقافة السودانية، اسرها الحزب الشيوعي السوداني في نفسه، ولكنه سرعان ما ركب موجة الانقلابات وجاء رديفاً لمايو 1969م، قبل أن يضيق به الوعاء المايوي ويلفظه خارج اسواره ليعود الحزب بأعصاب موتورة وغبن أسود ويقع في الحماقة التاريخية الدامية (19 يوليو 1971م) لما قاد انقلاباً عسكرياً لم يمتد عمره سوى لأيام ثلاث، سبح بعدها الحزب بكامله في ذات نهر الدماء المتدفق وفقد أهم كوادره وقادته! 
هذه الأسطر القليلة يمكن لاي مراقب أن يستشف منها أن الحزب الشيوعي نشاذ سياسي، لا يملك مقومات الاندماج في البيئة الوطنية السودانية وليس له جذور ولا قواعد ترسخ وجوده في عمق التربة السياسية السودانية! وكل تلك يمكن اعتبارها رزايا فعلها الحزب بنفسه في نفسه ودفع ثمنها كأمر طبيعي ولكن الأمر المحير الآن أن الحزب رغم كل ذلك ما يزال يقف مواقفاً تجعله معزولاً وخارجاً تماماً عن سياق الوجود والتاريخ. 
فقد رفض الحزب بإصرار وعناد غريب الحوار الوطني – لم يقدم أية مبررات موضوعية ذلك أن هدف الحوار وغرضه الأساسي هو اشاعة الديمقراطية والحريات والاصلاح – الحزب الشيوعي اشتراط أولاً لحريات والديمقراطية قبل الحوار!! وظل قادته الكلاسيكيين والتاريخيين يفتقرون إلى المنطق حين يجابهون بالسؤال وما فائدة الحوار اذن اذا كان ما سيدور فيه قد تم تحقيقه؟ دخل الحزب عشرات التحالفات ولكنه خسرها استناداً إلى مفارقة مضحكة ومبكية معاً فهو مع كونه حزب صغير وأطروحاته شاذة، يريد أن يقود الآخرين ويلغي رؤاهم!! ركب الحزب الشيوعي (آخر قطار) من محطة مظلمة ومجهولة لا توجد الا في العالم الافتراضي الفسيح عالم النت لما سمع بما يسمى بالعصيان المدني!
ربما ظن قادة الحزب – (القدماء) – بعقليتهم المتحفية أن العصيان المدني المجرب في الستينات والثمانينات صالح للألفية الثالثة فلم لا؟
وما هي الا أيام حتى أدرك الحزب الشيوعي وبما يشبه الصدقة أن العصيان المدني لم يكن سوى (حلم) في ليلة صيفية حافلة بالكوابيس والأحلام المزعجة! الآن الحزب الشيوعي يقف في مفترق طرق لم يسبق له مثيل فالحكومة الوفاقية المرتقبة وشيكة التشكيل. مخرجات الحوار الوطني تم الشروع فعلياً في إنفاذها. الحاسة الجماهيرية والمزاج الشعبي العام يميل بوضوح إلى انفاذ مخرجات الحوار والاصلاح ومعالجة الاوضاع تدريجياً – أدرك الحزب أنه ومن جديد قام بعزل نفسه وطرد نفسه – هذه المرة بنفسه – من البرلمان الشعبي الجماهيري العام في الشارع السوداني وأصبح خارج أسوار التاريخ ووراء السياج الوطني!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق