الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

العصيان.. هل فهمتم؟!!


مثلما احتارت الكيانات المعارضة وناشطو مواقع التواصل الاجتماعي في فشل الدعوة للعصيان، فإن على الحكومة كذلك تأمل ما فعله الشعب بالرغم من الضغوط التي جرتها عليه الاجراءات الاقتصادية الأخيرة.
شفرة هذا الشعب الجميل تتمثل في قناعاته التي تحركها المبادئ ولا يحرضها الجوع، شعب عفيفٌ أبيٌ كريم، يعلم متى يثور ومتى يقاطع؟، ظل يمسك على جمر المعاناة وعينه على السودان، يحتمل المعاناة في سبيل أمن البلد واستقرارها، يخرج لسانه الى كل من يحاول استخدامه وقوداً في حريق الوطن الكبير.
إجتاز الشعب السوداني أمس (اختبار العصيان) بدرجة ممتاز وأكد حرصه الكبير على ضمان أمن واستقرار الوطن بعيداً عن التصعيد والاحتقان ومقاطعة الانتاج.
بالأمس استيقظت الخرطوم على إيقاعها العادي، لم ترقص على صوت طبول العصيان، ذهب طلاب المدارس باكراً الى حيث طابور الصباح، كان العيد الوطني يشحذ هِمم الصغار بأصالة الانتماء لهذا الشعب، حينما كانت مواقع الناشطين تنادي أن (حي على العصيان)، كانت الحناجر الصغيرة تردد نشيد العلم في أقوى ملامح الارتباط بتراب الوطن العزيز.
المواصلات لم تكن (فاضياااااا) على طريقة عادل إمام، كان المواطنون يصطفون على جنبات الشوارع في دأبهم اليومي باتجاه العمل أو الدراسة أو اصطياد الرزق.
الطريق المؤدي الى الخرطوم عبر الشجرة واللاماب وأبو حمامة شهد ازدحاماً ولم يكن في إيقاعه الطبيعي، بائعات الشاي والكسرة وأصحاب المطاعم والبقالات والمكتبات جاءوا باكرين ولسان حالهم يردد (فتّاح يا عليم رزّاق يا كريم).
كنت ألحظ على طول الطريق كثافة الناس في مسعاهم اليومي نحو الرزق، لم يكن هنالك عصيان، ملامح الناس كانت تبعث برسائل في كل الاتجاهات للمؤتمر الوطني والمعارضة والحركات وناشطي المهاجر، كل تسلم ما يليه وعليه أن يفحص ما وصله جيداً ليقرر طريقة تعامله مع المواطن السوداني مستقبلاً.
ليس من الرشد أن ندير أمر السودان على طريقة (هلال ـ مريخ) وغالب ومغلوب، المنتصر هو الوطن بالتأكيد، الحكومة مطالبة بالاقتراب أكثر من هذا الشعب عبر اجراءات اقتصادية تخاطب واقعه الراهن وخطوات سياسية تعينها على جمع السودانيين.
أتمنى أن يقرأ الجميع رسالة الشعب السوداني وهو يقاطع الاعتصام خاصة الحاكمين الذين بيدهم (القلم)، اقتربوا أكثر من همومه، خاطبوا مشكلاته وانفعلوا وتفاعلوا مع قضاياه، لقد قال السودانيون كلمتهم في صمت فهل تسمعون.
الرسالة التي وصلت في بريد الجميع تستحق دراسة متأنية، على المعارضة كذلك أن تقرأ وتستوعب الدرس البليغ، القضية أكبر من نجاح أو فشل اعتصام، قلنا ونكرر (إن الدعوة لأي تغيير أو تعبير سياسي لا يمكن أن تنجح ما لم يطمئن المواطن على البديل أو الجهة الداعية للتغيير).
ونكرر (كثير من الحراك الحكومي أظهر تجاوباً مع رسائل الشارع خاصة في حقل الدواء بينما لازال المواطنون ينتظرون المزيد من الإصلاحات والقرارات التي تخاطب هموم المواطن، وأرى أن أمام الحكومة فرص كبيرة لإحباط محاولات اختطاف الأزمة الحالية بما يعصم البلاد من أية سيناريوهات تشجيع الفوضى).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق