الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

حينما تحول العصيان إلى عصيان مضاد ضد المعارضة السودانية!


ما من عاقل – مهما كان موقفة السياسي من الحكومة السودانية – كان يعتقد ولو بنسبة (1%) أن ما يسمى بالعصيان المدني
سوف ينجح، ويسقط الحكومة ويحقق انتفاضة شعبية.
الأسباب في ذلك كثيرة للغاية ولكن أقلها أن دعاة العصيان ومع كونهم مجهولون أو هكذا أرادوا أن يكونوا في الظلام، وبعيداً عن الأضواء وأرض الواقع، إلا أنهم ليست لديهم (سلطة معنوية) على السودانيين! شعب السودان هو (سيد نفسه) وقائد ثورته اذا أراد الثورة الثورة والإنتفاض، تاريخه الحافل بالملاحم هو الشاهد الليزر على ذلك، ففي حالتي اكتوبر 1964م وإبريل 1985 كان وحده شعب السودان قائد الثورة، معلمها، وحادي ركبها!!
القوى الحزبية على كثرتها لم تستطع أن تتقدم صف شعب السودان لتقول له أمشي خلف ولو غلط مغالط، فإن الرد سهل ومبسط، اذا كانت القوى الحزبية هي التي تقود زمام المبادرة، وهي الأقوى والأكثر تأثيراً وهي الدينمو المحرك للأحداثن اذن لماذا لازمها الفشل المخجل حيال الحكومة الحالية لما يربو على (27) عاماً؟
هل يعقل أن تفشل جميع قوى الأحزاب السودانية في احداث الثورة أو التغيير ومن بينها أحزاب صاحبة أغلبية (الأمة القومي) وبينها أحزاب تجيد فنون وتكتيك إلهاب المشاعر وتأجيج الثورات (الحزب الشيوعي السوداني) وبينها أحزاب أخرى حاملة للسلاح ومزودة بمدافع ودبابات وصواريخ كايتوشا (الحركة الشعبية قطاع الشمال)، وبينها حركات مسلحة دارفورية تملك أذرع واسناد داخلي معروف؟ 
لو كانت هذه المكونات السياسية السودانية – بكل قضها وقضيضها هذا – تملك وزناً سياسياً حقيقياً ولديها نفوذ سياسي وسلطة معنوية على قطاعات السودانيين لما حتاجت قط لمهزلة العصيان الفاشل!
القوى الحزبية اذا كانت انعاكاً حقيقياً لقناعات السودانيين، ولو كانت واحداً من خياراته السياسية لما ظلت هذه القوى حتى هذه اللحظة تتسول على شعب السودان تناشده وتبكي بحرقة وتذرف الدموع طالبة منه معاونتها في إسقاط النظام!! وشعب السودان نفسه لو كان لديه إيمان ولو بنسبة (1%) بأن هذه القوى الحزبية مسؤولة ولديها شعور وطني نبيل وتمتلك قدراً من الجدية والطهارة الوطنية الخالية من الشوائب المشبوهة لما انتظر حتى تطلق دعوتها للعصيان ومن ثم يستجيب لها.
شعب السودان ليست لديه ثقة قط بالقوى الحزبية المعارضة جربها أكثر منم رة، دفع ثمن التغيير مرتين، مرة حين تحامل على نفسه واحتمل الجوع والمسغبة والبقاء في الشارع ليالي وأيام، وفقد عمله، وفقد كل وسائل راحته ومرة حين فجع بهذه القوى وحالما دانت لها السلطة ركنت إلى (تعويض نفسها) عما فاتها من كسب وشرعت في لعبة الكراسي البعثية المؤسفة والعدو يطرق أبواب البلاد بقوة وعنف والمدن تتساقط مدينة تلو الاخرى، ذاكرة السودانيين بحد الله ما تزال بخير دافئة وثابة لا تنسى ولا تتناسى.
لذا كان من الطبيعي بل ومن المحتم – وبدلاً عن سقوط النظام – أن تسقط آمال القوى الحزبية المغلوبة وحدها على امرها وأن يتحول العصيان المدني من سلاح في يد المعارضة الى سلاح في صدرها وفي صميم قلبها السياسي!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق